المهندس الزراعي ولد صالح يكتب ... حدّث النهر ذات يوم فقال:.. أنا نهر السنغال ..

أربعاء, 30/11/2022 - 18:22

حدّث النهر ذات يوم فقال:

أنا نهر السنغال ، أنبع من هضبة فوتا جالون فى غينيا وأقطع مسافة حوالي 1700 كم ، وأمرّ بأربعة دول قبل أن أفرغ فى المحيط الأطلسي عند اندر (سان لويس ) ولديّ سدّان أحدهما (مانانتالي)عند المنبع والآخر عند المصب(جاما) ولي فوائد جمّة منها الزراعة والكهرباء ، على ضفتيّ من المنبع حتى المصب تسكن منذ الأزل شعوب وقبائل تعارفت فتآخت فأمِنت واطمأنت ، فزرعت و انتجت لتأكل من أرضها لا تستورد غذاءها من الخارج…

 من هذه الشعوب وخاصة تلك التى تسكن على ضفتى اليسرى ، من حمد الله وشكره على نعمة الماء العذب المتيسّر، والأرض الخصب ، فأظهر شكره لله ، فشقّ الأرض واستنبت فيها الحبّ والعنب والقضب والزيتون والنخل والحدائق الغُلب والفاكهة والأبّ، متاعا لهم ولأنعامهم، وكانوا سعداء، فى رغد من العيش وسعة من الرزق...ولكنى استغربت غيّاب آخرين لم أر دلائل شكرهم لله فلم يزرعوا لياكلوا ويرعوا أنعامهم ، رغم أنى منذ بدأت أفتح طريقى ،أهدّ العقبات أمامى فى إتجاه بحر الظلمات، وأنا أميل ذات اليمين فى انحياز واضح وحبّ مكشوف للساكنين على يمينى ، فالتويت

 

تارة وعاندت قوانين الجاذبية تارة أخرى ، فصعدت لمّا كان فى صعودى مصلحتهم ..

ولكن هؤلاء لا يعيرون اهتماما ولا يردّون على جميلى !!!؟

ولماّ لم ينفع هذا الانحياز لليمين ،تساءلت ما إذا كنتُ أُلْقِى حديثا غير مفهوم،  أو أنّ الإشارة ربما لا تكفى، فلو استضفت أحدهم وحملته على بساط الريح ، والموج  هادئ  ، فى رحلة صاعدة تبدأ من المصب باتجاه المنبع ، ليرى أنى التويت وتفرّعت لأدخل بيوت أهل اليمين فى بلاد الترارزة قرب انجاكو وبيرت  ومن جانب كيرمسين و روصو وجدر المحكن و اركيز و احتضنت انتيكان ،ودلفت ذات اليمين باتجاه سكامات وآكويليد قرب أركيز  وبلغت ظاهر الكصيبه واقتربت من مشارف اللكات ثم ترنحت وتمايلت وانحنيت خشية على دار البركة ، لأبلغ بوكى نشيطا أغمر سهولها  و اقترب حتى كأنى أروى بابابي و أغمر أمبانى ، مرورا بانيابينا ونيري والو  وأشرد يمينا لألتقى قرب كيهيدى فى استقبال بديع بتّجمُّع مياه كوركول الابيض أو  مياه الواد لبيظ...

 ولولا  خشية انزعاج ولوم أهل الشمال لوصلت سهول أمبود  وفم لكليته ، قبل أن أغمر قيعان جيول و توكومادى وتيفوندي سيفى  عابرا أراضي دولول و ضاو

 

 وظاهر مقامة و محتضنا والى وأروى سهول تولل متجها إلى صانيي ، فى طريقي إلى ومبو  وقوراي ،فأواصل وفى نيتى عدم تجاوز المسيلة غير مكتفٍ بما ترويه مياه كاراكورو .!!

طيلة هذه الرحلة، سيكتشف أهل اليمين مدى انحيازى لهم من خلال المسافة التى يستحوذ بلدهم على معظمها؛ إضافة إلى  المساحات الزراعية الشاسعة .ولا شك أنّ ضيفى تحقق  من نشاط أهل الشمال واستغلالهم لفرصة الموسمين الزراعيين المتاحين فى سنة واحدة،وفرص زراعة الخضروات والمراعى.فعلى ضفتي اليسرى زراعة ونماء ورخاء، وأما على اليمنى فلا شيء!! كأن انحيازى إليهم غير ذى معنى..!!؟

وبعد الرحلة الطويلة، حرّرت بساط الريح و جلست مع أهل اليمين على رُبًى من تلك الروابى قريبا من ذراعى عند سكامات غير بعيد من جدر المحكن، وأنا أبصر غير بعيد مني أكمام نخلتي لورين ..

وقلت لأهل اليمين لا بدّ من حسم هذا الموضوع أو  أننى سأنسحب و أجفّف منابعى واتوقف عن الجريان ولو أتونى بالفتيات الحسان وأهدوها لي أمام شهود العيان ،فلن أغيّر قرارى إلاّ بتعهد صريح موثق لدى هيئات العالم ذات العلاقة.

 

فقيل لى وما المشكلة؟ ما هو المطلوب منّا نحن أهل اليمين حتى نرضيك ؟

المطلوب ، وهو الهدف ،هو أن ترضوا أنفسكم و تشكروا نعمة ربكم على توفر الماء العذب والارض الخصبة و المناخ المناسب لزراعة معظم محاصيل الحبوب والخضروات و المراعى .

فهل تستطيعون فى هذه الظروف المناسبة أن تستهدفوا  محصولا واحدا يسافر عبر العالم ، يحمل اسم بلدكم  فى الاسواق الدولية !. هذا أرز موريتاني ، هذه الخضروات الجيدة من موريتانيا .. هل يستحيل عليكم هذا ؟  تعالوا  نأخذ كلّ محصول وحده ونتتبع شروطه وظروفه الانتاجية و نقارن ذلك مع الواقع  . ونبحث عن العقبة . إنّ معرفة المشكلة جزء من الحل … ولنبدأ بالارز(يتبع)

ابراهيم ولد صالح ، مهندس زراعى