تعرض حزب العدالة والتنمية لهزيمة انتخابية شنعاء بعد احتلاله الرتبة الثامنة وراء حزب الاتحاد الدستوري، حسب النتائج الأولية التي أعطته فقط 13 مقعدا، مقابل 102 مقعدا لحزب “الأحرار”، و86 مقعدا لحزب الأصالة والمعاصرة. وتحمل “حزب المصباح” وحده عقوبة الشارع الانتخابي، نتيجة استمراره في الدعاية لشعارات كبيرة، مقابل تحقيق إنجازات صغيرة، غطتها القرارات اللاشعبية.
يقول المثل: “ما طار طير وارتفع، إلا كما علا وقع”، لكن الهوس بالسلطة، والتهافت، ومحاولة تبرير ما لا يبرر، أمور جعلت من “حزب المصباح” فريسة سهلة أمام خصومه، ولم تكن هناك أي فرصة للاختباء وراء “الربيع العربي”، في مناخ دولي يتسم بتنامي “التيارات الوطنية”؛ كما لم تكن هناك أي فرصة لاستخدام الخطاب الأخلاقي، بعد أن عرف المغاربة أن “أولاد عبد الواحد واحد”.
سقط سعد الدين العثماني، وسقط مصطفى الخلفي وإدريس الأزمي والحبيب الشوباني وآخرون، و13 مقعدا لا تكفي حتى لتشكيل فريق برلماني .. سقط حزب العدالة والتنمية سقطته الأخيرة، وعلى الأرجح لن تقوم له قائمة، فهذا السقوط يعني بلا شك نهاية تجربة إدماج الإسلاميين في السلطة، ولن يكون المغرب استثناء في عالم متحرك.
وسبق لعبد الإله بنكيران الذي يواصل التواصل بقلم “الحبر الجاف”، أن أعلنها مدوية، في “بلاغ انتهى الكلام”، لكن الذي انتهى فعلا هو حزب العدالة والتنمية، ولن تكون هناك فرصة للعيش “بيليكي” على ظهر الشعب من جديد.
إن سقوط “المصباح” ليس رسالة للداخل فقط، بل هو رسالة للخارج أيضا من طرف دولة عريقة؛ فالمغرب هو الوحيد الذي منح لمن يتحدثون باسم الإسلام فرصة المشاركة في السلطة، دون تردد، والشعب هو الذي قرر إبعادهم، عندما تأكد من عدم جدوى هذا الاختيار. والجميل وما يدعو للفخر أن هذا الحوار بين الشعب والأحزاب تم بضمانات ملكية من خلال المؤسسات.
إن التحدي اليوم أمام الأحزاب التي فازت بالانتخابات هو تحدي الوفاء بالبرامج، بعد أن بلغت سقفا غير مسبوق، لتفادي مثل هذا النوع من العقوبات الانتخابية، التي لا تؤدي للخسارة فقط، بل تؤدي إلى إمكانية انقراض التنظيم من الساحة السياسية.
هسبريس