ثروات موريتانيا المتجدد والقابلة للنضوب كثيرة و متنوعة، و سكانها في حدود أربع ملايين نسمة، نظامها السياسي رئاسي ديمقراطي حسب الدستور، نالت إستقلالها سنة 1960، تعاقبت على تسيير ثرواتها أنظمة مدنية و عسكرية، و بعد ما كان النظام مدني شمولي أرسى أسس الدولة. و إعتمد نظاما اقتصاديا شموليا، و أنجز مشاريع وطنية كبرى، فأمم مفيرما ( 28 نوفمبر 1974 ) و استقل عن فضاء الفرنك الافريقي، ( 1973 ). إنقلب العسكر على هذا النظام المدني ( 1978 )، بعد حرب خاسرة، و موجة جفاف شديدة، و عطلوا العمل بالدستور، و إستحدثوا مواثيق دستورية جديدة، و باشروا العمل بالسياسات النقدية والاقتصادية المعدة من طرف صندوق النقد الدولي و البنك الدولي ( 1985)، فتنازلوا عن مؤسسات القطاع العام، وحرروا الميزانية العمومية من غالبية النفقات الاجتماعية، و حرروا السوق من جميع أنواع تدخل الدولة، التي تعيد التوازن بين الطلب والعرض.
جاء دستور 20يوليو 1991، منهيا حقبة العسكر من الناحية النظرية على الأقل، و يعتمد الديمقراطية كوسيلة ( للتداول السلمي ) على السلطة، و عمم التجربة البلدية على عموم التراب الوطني، و أقر برلمان من غرفتين ( مجلس النواب و مجلس للشيوخ ). و من مضامين دستور 1991، إستحداث مجلس اقتصادي و اجتماعي.
و استمر السادة الرؤساء المتعاقبون على تسيير البلد بالعمل بإتفاقيات إطارية مع المؤسسات المالية الدولية.
هذه الأنظمة بإختلاف مشاربها ومرجعياتها،
و الظروف الداخلية والخارجية التي تعمل فيها، كانت وراء تسيير ثرواتنا الوطنية، وبغض النظر عن تحميل نظام معين المسؤولية، فإن تراكم أدائها جعلنا في ذيل التصنيفات العالمية لمؤشرات التعليم و الصحة و الشفافية، و محاربة الفساد و الحريات ....
واقعنا اليوم جلي وواضح وغني عن الكتابة عنه، لأنه مهما وصفته فسيظل هو أبرز و أوضح من التعبير و الكتابة. لكن الأهم الآن وضع اليد على مواطن الهدر و الفساد والنهب و ضعف التنظيم في تسير ثروتنا، غير غافلين عن جوانب النجاح ، و اقتراح الحلول العلمية التي ستساهم في وقف ضياع ثروتنا الوطنية، و ترشيدها. مما سيكون له كبير الأثر على عامة الشعب.
في الحلقات القادمة سنكون في الموعد، آملين منكم المساهمة في إثراء الموضوع، لعل الله يجري على أيدينا الخير والبركة، فيعم النفع.