مثلت رياضة كرة السلة متنفسا وجد فيه الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة فرصتهم في ممارسة الرياضة والاندماج في المجتمع،واستطاعت هذه الرياضة أن تقدم أكثر من ميدالية لموريتانيا عن طريق المشاركة في البطولات الخارجية،الأمر الذي حدّ منه كورونا خلال الآونة الأخيرة،بعد أن بسط سيطرته وتفشى في مختلف بقاع العالم.
محمد محمود حيمود لاعب كرة سلة بالمنتخب الوطني بدأ ممارسة الرياضة 1998 ويتذكر جيدا كيف صرم حبل الوصل بينه وبين الرياضة التي وجد فيه ذاته منذ الوهلة الأولى ويقول:
"لقد حققنا انجازات عديدة وحصدنا ميداليات دولية وقارية على مدى تاريخنا الذي يدرك الناظر والمتتبع لصفحات تاريخ هذه الرياضة أنه كان مشرقا ومشرفا،وبدل مواكبتنا وتشجيعنا بغية المواصلة فإنه تم تهميش رياضتنا والرجوع بها للوراء،فلا الوزارة الوصية تقدم دعما للاتحادية ولا الشركاء أيضا،وما سبق ذكره جاء عليه كورونا الذي أثر بشكل كبير على هذه الرياضة،فمنذ ظهوره في شهر مارس من السنة قبل الماضية ونحن لم نذق طعما للتدريبات ولا المنافسات التي قد لا نشارك فيها على الغالب،بسبب ضعف الدعم الذي يخول المشاركة على الصعيد الدولي والقاري،ونحن نناشد الجهات الوصية من أجل منح هذه الرياضة ولو القليل من الاهتمام".
السلطات الموريتانية أصدرت عام 2006 قانونا يحمل الرقم 043-2006 يساوي بين المعوقين وغيرهم في المسابقات والوظائف،بغية إذابة الفوارق وإزالتها قدر المستطاع،كما وقعت عام 2009 على الاتفاقية الدولية الخاصة بالمعوقين،والتي تعطي الحق للمنظمات المدافعة عن المعاقين بغية متابعة النظم المتعلقة بهم،حيث يمثل ذوي الاحتياجات رقما لا بأس به من أربعة ملايين تفيد الإحصائيات بأنها عدد سكان الجمهورية الإسلامية الموريتانية،ويذهب مراقبون إلى أن هذه الشريحة أصبحت تحظى بالاهتمام من طرف الحكومات المتعاقبة،بفتح باب التوظيف أمام أفرادها والإشراك ما استطاعت الجهات المختصة لذلك سبيلا،وبشكل خاص على المستوى الرياضي حيث ظهرت الاتحادية الموريتانية لرياضة المعاقين،الهادفة للفت النظر صوب المعوقين وقدراتهم الهائلة التي تستحق الدعم والتشجيع،وإن كان رئيس الاتحادية محمد أحمد مريد يؤكد أن هذه الرياضة تعيش على وقع الركود منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة،ولم يكن كورونا وفق تعبيره إلا ضربة قاضية وسببا إضافيا لعدة أسباب ساهمت في تراجع هذه الرياضة ويضيف:
"رياضة الأشخاص المعاقين لا تحظى بكبير عناية من طرف صناع القرار،هناك عدم وعي بجدوائية وأهمية هذه الرياضة،والأمر ينطبق على مختلف أصنافها للأسف،صحيح أن هناك أنشطة سنوية تحدث بعد الكثير من الأخذ والرد،وبتمويلات بسيطة جدا رغم التاريخ المشرق والحافل،فهي أكثر رياضة يحصد فيها الموريتاني جوائز دولية،ومع ذلك فالتركيز موجه صوب كرة القدم أكثر من أي شيء،اهتمام الحكومة والشعب والشركاء على حد السواء،لذلك نطالب بلفتة تعيد الاعتبار لهذه الرياضة التي يستحق أصحابها العناية والرعاية،والرهان على نجاحهم وتمثيلهم لموريتانيا أحسن تمثيل أمر مفروغ منه بالتأكيد".
لم يكن تعليق الأنشطة الرياضية في موريتانيا شيئا فريا،فقد جاء في ظروف عاش فيها العالم على توقف الحركة في شتى مناحي الحياة،ورافقته لأجل التعزيز قرارات أخرى من قبيل منع التجمعات،احتراما للمسافة الصحية التي تعد إحدى ركائز الوقاية من الفيروس،غير أن رياضات المعاقين الذين لا يملكون من طرق الوصول للعقل السليم غير هذا الطريق،قد كان تأثرهم وَفق تعبيرهم مضاعفا،يقول سيداتي ولد النافع أحد الذين مارسوا رياضة كرة السلة قبل ثلاثين سنة،وأحد الذين يعضون بالنواجذ على هذه الرياضة رغم التحديات:
"كورونا كان أول شيء يقف وراء تعليق الأنشطة الرياضية التي نمارسها نحن ذوي الاحتياجات الخاصة،وهي الرياضة التي بصرف النظر عن فوائدها على الجسم والصحة،فإنها تعود علينا بالفوائد المعنوية أكثر والمادية أحيانا،كما أننا نشعر بالفخر عندما نرفع راية وطننا تمثيلا له في المحافل الدولية،وعندما جاء تعليق الأنشطة الرياضية ضمن مجموعة من الإجراءات الوقائية كنا نتوقع دعما من لدن الجهات الحكومية،غير أن الأمر لم يحدث رغم التأثيرات التي تركها كوفيد،والتي ما زلنا حتى بعد مرور سنتين على الأقل من ظهور الفيروس نتعافى منها".
ويذهب الأمين العام لاتحادية رياضة المعاقين محمد عبد الله احميـد إلى القول بشمولية تأثير فيروس كورونا على جميع مناحي الحياة ويزيد:
"كورونا مسَّ من العالم بمختلف دوله واختلاف شعوبه ونشاطاته،ورياضة المعوقين لم تكن إلا شيئا من ذلك،حيث انعكس سلبا على الأنشطة الرياضية المتعلقة بالاتحادية،فكان لا بد من تأجيل أغلب هذه الأحداث،ومع ذلك فبقيت بعض الأنشطة الدولية قائمة،مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات الاحترازية التي تحد من انتشار الفيروس وتفشيه،ومن جوانب تأثرنا توقف التدريب حيث كنا نتدرب لصقل المهارة واكتساب الجديد،ونحن نثمن اللفتة التي حظيت بها هذه الرياضة خلال الآونة الأخيرة من طرف الجهات الحكومية،التي انتهجت سياسة جيدة تهدُف لترقية وتحسين القطاع،ما ترجم إرادة واستعدادا لمد يد المساعدة في أي نشاط أو مشاركة"
ورغم المساعدات التي قدمتها الحكومة الموريتانية في تلك الفترة للفئات الدنيا من المجتمع،فإن أغلب المعاقين الذين يمارسون على وجه الخصوص كرة السلة يؤكدون عدم استفادتهم،ويقول ميسـارا:
"نحن كغيرنا عانينا من كورونا وما جاء معه من أنماط في الحياة فرضها على الناس فرضا،والحقيقة أن الرياضة التي كنا نمارس نحن المعاقين والتي لا نملك عنها بدلا تأثرت بشكل لا يصدق،كنا في الماضي نتوكأ على سمعة لا تضاهى،وقليلة هي المنافسات التي خضنا دون الفوز والعودة بالنصر،غير أن ذلك قد تغير تماما،لذلك نطالب من الجهات الحكومية الدعم والرعاية،من أجل صقل ما ألصقه غبار الإهمال بهذه الرياضة"
تمثل رياضة المعاقين واحدة من أعرق الرياضات الموريتانية التي مثل فيها اللاعبون موريتانيا أحسن تمثيل،ويرى مراقبون للشأن الرياضي أنها لو حظيت بالقدر الكافي من الدعم لقطع أصحابها أشواطا للأمام،ولرأينا موريتانيا منافسا في هذه الرياضات لا يشق له غبار.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.
بقلم أموه أحمدناه