" كورونا مجرد كذبة لا أكثر" ، "مؤامرة سياسية واقتصادية" يقول الشاب سيدي عالي بلعمش مضيفا:
"نسمع عن الخرافات التاريخية ولكننا لم نسمع قط عن الخرافات السياسية والاقتصادية،كورونا أو كوفيد_19 كما يُسميه البعض ليس إلا خرافة سياسية تلعب عليها بعض الدول لإضعاف الأخرى،و اقتصادية تلعب فيها بعض شرائك الأدوية لترويج منتجاتها و إفراغ مخازنها من المواد التي شارفت على انتهاء الصلاحية،إنه كذبة لا أكثر ولا أقل".
عدد الإصابات بفيروس كورونا عرف ارتفاعا ملحوظا خلال الأيام الأخيرة،الأمر الذي حمل الجهات الصحية على الدعوة إلى أخذ الإجراءات الاحترازية بعين الاعتبار،في الوقت الذي يتوقع مراقبون أن يتم خلال الأيام القادمة الإعلان عن حزمة من الخطوات الوقائية،إذ سجلت الجهات الصحية في يوم 13-07-2021 / 137 إصابة جديدة بالفيروس،بعد إجراء 2050 فحصا للتشخيص خلال 24 ساعة الماضية،وبعد يوم واحد من تسجيل 93 إصابة،ليصل عدد الإصابات حسب ذات التاريخ المذكور آنفا 21902 فيما بلغت حالات الشفاء 20395،في الوقت الذي تم تطعيم بتاريخ 12-07-2021 / 12778 من الجرعة الثانية فقط،ومع حملات التعبئة التي رافقت إطلاق عمليات التطعيم سعيا لحث الناس على أخذ اللقاح،وتوفيره في أكثر من مكان،ومع الإصابات التي يتم تسجيلها بشكل يومي في موريتانيا،فإنه مازال هناك من يتمسك بمبدأ أن الفيروس مفتعل وصراع بين دول ستدفع أخرى ثمنه،تقول نزيهة محمد فال في هذا الصدد:
"أعتقد جازمة أن كورونا مجرد مؤامرة وصراع بين الأقوياء،والثمن تدفعه الدول الضعيفة،ولو سلمنا أن الفيروس موجودا مع قول البعض بغير ذلك،فهو مصنّع بكل تأكيد بهدف ترسيخ اقتصاد دول على حساب أخرى،ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن أجعل نفسي فأر تجارب،باستعمال اللقاح الذي لم يتفق بعد عليه،بصرف النظر عن هوية الدولة المصنعة له،ومخلفات هذا اللقاح على الناس تظهر بين الفينة والأخرى سلبا،ورغم الحملات الإعلامية لتحسين صورته بين الناس فإن الأمر لم يفلح معي وغيري كثيرين".
عدم التصديق بفيروس كورونا ليس حالة استثنائية في موريتانيا،فهو ذائع بين الناس وخاصة الشباب،بين من يرفض أخذ الإجراءات الاحترازية من الأساس،ومن يولي وجهه قبلة غير اللقاح الذي أضحى متوفرا في العاصمة والمناطق الداخلية الموريتانية،يقول سيدي محمد بكار:
"في البداية لم يكن هناك من سبيل لتصديق الفيروس خاصة بعد ما أثير حوله من إشاعات لم يتفق أحد عليها،ومع أن الخوف ساد بين الناس في تلك الفترة فإنه تلاشى تدريجيا،وصاحب ذلك عدم إيمان بالوباء وأقوال كثيرة حول المؤامرات وغير ذلك،وأنا شخصيا أؤمن بذلك القول وأذهب تماما إلى تصديق قول القائل بأنه مجرد أكذوبة ليست ناعمة بكل تأكيد".
الباحث الاجتماعي محمدو أحمد يرى أنه من أبرز الأسباب التي ساهمت في عدم تصديق وجود كورونا سُمعته وما أثير حوله من شائعات قامت لاشك بدور كبير في أخذه على محمل الإنكار،بشكل خاص أيامه الأولى من الوجود هنا في موريتانيا،ويضيف:
"مازالت بعض العقليات الاجتماعية ترفض الإيمان بوجود فيروس كورونا كوباء فتاك،رغم ما تسبب به من قتل للأرواح وشلل في الحركة العالمية،وهنا يظهر دور الاجتماعي للتأكيد على وجود الوباء وضرورة أخذ اللقاح لمحاربته،خاصة أنه متوفر بشكل مجاني ويسهم حسب أهل التخصص في زيادة المناعة ضد الفيروس،الذي تظهر منه بين الفينة والأخرى سلالات متحورة،وبالتالي فإن أي تأخر في التلقيح تترتب عليه نتائج سلبية على حياة الفرد والمجتمع،ثم إن اللقاح ليس إلا جرعة تساعد الجسم على مواجهة الفيروس".
ويذهب محمد المختار محمد محمود وهو من الذين يرفضون حتى الآن أخذ اللقاح،إلى أن الفتور الذي عرفته حملات التطعيم يمكن إرجاعه إلى أكثر من سبب،كعقلية المجتمع التي ترسخ فيها أن اللقاح صراع ويزيد:
"عدم فرض الدولة اللقاح وترك الخيار أمام الراغبين فيه قام بدور لا بأس به في الإحجام الذي عرفته نقاط التلقيح التي وفرتها الجهات الصحية في أكثر من مكان،ثم إن ضعف الموجة التي عرفتها موريتانيا من الوباء كان له الأثر بدون شك في دعم القول بأن لا خطورة تكمن فيه،يضاف لما سبق ما أثير حول المناخ وما قيل عن الفيروس ودرجات الحرارة في الأيام الأولى من انتشاره".
عدم الإيمان بفيروس كورونا وعدم اتخاذ أي إجراء من الإجراءات الاحترازية التي تحد من انتشاره،ربما يسهم بشكل كبير في تفشيه بين المجتمع،ليبقى الرهان قائما على التوعية والتحسيس بوجود الوباء الذي أنهك العالم وعاث فيه فسادا.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.