التسريب: الفضيحة-الجريمة / الحسن مولاي علي

سبت, 03/10/2020 - 10:43

فضيحة مدوية مجلجلة، وجريمة بحجم الكارثة، هزت المجتمع اليوم هزا عنيفا؛ ألا وهي عملية تسريب مادة اللغة العربية الخاصة بمسابقة الانتقال من صف التعليم الأساسي، إلى المستوى الإعدادي؛ إنها جريمة مدبرة، بعناية، ومع سبق الإصرار والترصد؛ لا لتصرف انظارنا، عن المعركة الشرسة التي تخوضها لاسترجاع الغلول المنهوبة، وجلب المسؤولين عنها إلى العدالة، فحسب، بل ولتعود بنا عقودا إلى الوراء، يوم كنا نكافئ مسؤولا
ساميا مارس جرم التسريب المشهود، لصالح أهل بيته واقاربه، بالتعيين في منصب سام في القضاء..!!

حدث ذلك منذ نحو عقدين من الزمن، في يوم مشهود، ازدحمت بعده مدرجات جامعاتنا ومعاهدنا، بالآلاف من اشباه الاميبن، وسجل المئات منهم بجامعات مرموقة في دول شقيقة وصديقة، وبمنح وطنية مجزية، وهم بشقيهم المسؤولون أمس، عن زيف الانتماء إلى النخبة التي باتت بهم مغشوشة وبلا معايير، ثم باتوا اليوم هم المتصرفين من مواقع القيادة في مفاصل دولة محاصة أيقظوا فيها النعرات والتمايزات، بناء على "فلسفتهم" القبلية والفئوية المتوارثة المستندة في زحامها على الكلأ والماء، إلى تقاليد وتراتبية "الحاسي المحجوم" و"مرجع اللز"

جريمة التسريب، اليوم، هي اختبار حفيقي لسلطة وطنية توافقية، تداركت بها عناية الله دولة نخرها سوس الفساد، لعقود متتالية، فمالت دعائمها، وترنحت في مهب ريح التحلل والاضمحلال؛ وقد شمرت عن ساعد الجد لاستنقاذها، بعد أن حددت مسارا آمنا، بعيدا عن الهزات والمطبات، وأرست رؤية تجمع بين الواقعية والطموح، وببتصميم لا يتراخى، دخلت كل باب بما يصلحه من تدابير وآليات ونفقات؛ وهكذا بدا للقريب والبعيد، المعني وغبر المعني، أن مراجعة جادة، بل وقاسية احيانا، ستحدد للنسؤولية عن بوائق الفساد وكبائره؛

كان لا بد للطابور الخامس من استدعاء طامة كبرى، من تلك المعروفة المألوفة، في فصول الفساد الدابرة،
ودحرجتها في وجه سلطة الإصلاح، في رسالة تقول: توقفوا عن كشف الفضائح والأخطاء والخطيئات، وعن تحديد المسؤوليات، فكانت فضيحة التسريب هى الرسالة، لتتوقف الخطوة التالية على نوع وفحوى ومستوى ردات الفعل التي تظهرها السلطة إظهارا؛ فلا مندوحة إذن، عن مواجهة الاختبار بما يناسبه، في الزمان والمكان الذي اختارته الجهة المختبرة المرسلة،، ومن عساها تكون، غير طابور تتقارب انفاسه فرقا..؟

ما يناسب هذه الفضيحة-الجريمة، لن يكون أقل من الإقالة الجماعية الشاملة السريعة النافذة، لوزير القطاع وكل طاقمه في مختلف مفاصل الوزارة المعنية، خاصة تلك المسؤولة منها عن النصوص، ثم مساءلة الجميع، أمام مجالس التاديب، والإدارة والقضاء، وإنزال عقوبة بالغة ورادعة، بكل من يثبت اشتراكه، بأي شكل من الأشكال، في حدوث هذه الكارثة- الفضيحة، تأكيدا
لجدية السلطات ومضائها، بلا تردد، في اجتثاث الفساد من عروقه، واستعدادها للضرب بيد من حديد على أيدي العابثين بوطننا ومستقبل ابنائه، وتضحيات آبائه وأمهاته.

لا تكرروا الخطا مع المزورين والمسربين، مرة أخرى... إنكم إذن مثلهم؛ فالله.. الله، في فلذات اكبادنا، وآخر ما أببقيهاقنة الفساد لهذا المجتمع المنكوب، من أحلام مشروعه للغد، وما بعد الغد..!!