رد الأستاذ احمد سالم ولد بوحبيني على تدوينة لوزير الخارجية السابق إسلك ولد إزيدبيه باسلوب هادئ لم يخلو من اللباقة قائلا:
تفاجأت بتدوينة للوزير السابق إسلكُ ولد إزيد بيه نشرها اليوم، وجاء فيها:
"أما آن للأستاذ أحمد سالم ولد بوحبيني أن يحذف إسمي من لائحته الثلاثية المشهورة، علما بأنه خصص لي الرتبة الثالثة والأخيرة، وأنا الذي كنت دائما الأول في فصلي في المدرسة الابتدائية في آمرج، والأول في قسمي خلال المرحلة الإعدادية في النعمه، والأول من رفاقي خلال المرحلة الثانوية في نواكشوط، وفزت بالرتبة الأولى ضمن شعبتي في امتحان الباكالوريا سنة 1982، والرتبة الأولى في مسابقتي ضباط الطيران والبحرية التابعتين للجيش الوطني في نفس السنة، كما انتزعت الرتبة الأولى خلال المسابقة الأولى (والأخيرة) –حسب المعايير الجامعية الكونية- لمنصب رئيس جامعة نواكشوط سنة 2007، وأنا أناضل وقتها في صفوف المعارضة الديمقراطية.
الفخر بالحك.. ءُ حد ما فيه نسبه معتبره من هاذي المواصفات ما انرد اعل تهجماتو المعوّضة علي".
تلك هي تدوينة ولد إزيد بيه التي خصصها، هذه المرة، لي ولنفسه.
أريد أن أذكّر، في البدْء، بأن "اللائحة الثلاثية المشهورة" التي يحيل إليها الدكتور تتعلق بفيديو مصور يوم 16 أغشت 2017، في مقر حزب تواصل، وبحضور أهالي وأصدقاء رجل الأعمال المعتقل محمد ولد غدة، وزملائه الشيوخ المقالين، وقادة المنتدى، خلال مؤتمر صحفي نظمتُه بوصفي المحامي المتعهد بالملف.. في تلك الأيام كنت أبحث، بكل الوسائل، عن طريق ألتقي بها موكلي، وقد فشلت في ذلك.. كنت أطالب للمعتقل ولد غده ببعض الضمانات المكفولة قانونيا لكل المعتقلين (زيارة الأهل، ولقاء المحامي، ومعاينة الطبيب...) وكنت ممنوعا تماما من أي اتصال به كما مُنِعَتْ منه أسرته. ولم أتمكن من زيارته إلا بعد هذا المؤتمر الصحفي.
وقد أعيد نشر وبث الفيديو المتعلق بالمؤتمر الصحفي بمونتاجات مختلفة وفي العديد من المناسبات خاصة بعد أن أصبح ولد عبد العزيز ونظامه جزءا من الماضي وأضحى بالإمكان أن يصبحوا في نفس وضعية ولد غده (من حيث الاعتقال والحاجة إلى ضمان حقوقهم كمعتقلين).. إذن لم أنشر أي فيديو ولم أركب أية صورة وإنما يدخل الأمر ضمن أبحاث يقوم بها الناس في الأرشيفات المحفوظة عبر الشبكة للكشف عن خيوط الماضي وربطه بالحاضر عساه يكون عبرة لأجيال المستقبل. ورغم أنني لست ضد هذه الفكرة، إلا أنني لا أملك من الوقت ما يجعلني أرَكّب الفيديوهات وأنشرها.. إنني منهمك، كما هو دأبي، في أمور أعتبرها أهم.
خلال هذا الحدث كان محمد ولد عبد العزيز رئيسا لموريتانيا، وكان ولد حدمين وزيرا أول، وسيدي محمد ولد محم رئيسا للحزب الحاكم، وإسلكو ولد إزيد بيه وزيرا للخارجية.
صحيح أنني ذكرت أن ولد محم وولد حدمين وأنتم، سيادة الوزير، لن تنقذوا ولد عبد العزيز حين يقف أمام القاضي لمساءلته، وأنكم ستكونون أول من يتخلى عنه. فيما تساءلتم، عبر تدوينتكم: "أما آن الأوان ليخرجني ولد بوحبيني من لائحته الثلاثية المشهورة؟". والحقيقة أنني لم أكن أتصور أنها لائحتي، فتلك اللائحة كانت، حتى الأمس القريب، لائحتكم أنتم. ومن حقكم التملص منها، لكن ليس من حقكم إضافتها لغيركم.
أما وأنكم كنتم في المرتبة الأولى في كل مراحل حياتكم، وبالتالي تمتلكون الحق في مدح أنفسكم، فإن تربيتي تستقبح مني أن أمدح نفسي. وإن استعظامكم لمرتبتكم في آمرج والنعمه لن تجعلني استعظم، وأنا المعاصرُ لكم، مراتبي في مدارس خيّار وآنيكس والثانوية الوطنية وجامعات نواكشوط والرباط.
وبالنسبة لمؤهلاتكم، فإنني لا أطعن فيها ولا يمكنني ذلك. فأنتم جديرون بتلك المكانة ومصدقون في مدحكم لأنفسكم. بيد أنني لم أحتك به من مؤهلاتكم إلا وقوفكم، عندما كنتم رئيسا للجامعة، ضد حرية العمل النقابي للطلاب، في حين كنت أنا، كنقيب للمحامين، أقف إلى جنب الطلاب، ما جعلهم يمنحونني شهادة تقدير أعتز بها.
وأما أنه كان عليّ أن لا أضعكم في المرتبة الثالثة من الثلاثي الشهير، فأعتقد أنكم نسيتم أن الوزير الأول كان أعلى منكم مرتبة، وأن رئيس الحزب كان أعلى منكم مرتبة، وأنكم بالتالي كنتم الثالث ضمن هذا السياق.
وفيما يخص امتناعكم عن الرد على "التهجمات المعوّضة" لمن لا يملك مواصفات مثل مواصفاتكم، فلعلكم لم تفكروا في عبارة "معوضة".
ففي الفترة التي نظمتُ فيها المؤتمر الصحفي المذكور لم يكن هناك من يستطيع التعويض، فالساحة التي أتحرك فيها كانت ما بين معارضين مهمشين، ومعتقلين ممنوعين من حقوقهم، ومضطهدين لا حول لهم.. ولا أحد عنده ما يعوض به أي شيء. وإن كنتم تعنون رجل الأعمال محمد ولد غده الذي يُفترض فيه أن بإمكانه أن يعوض، فلكم أن تسألوه عن تعويضه لي مقابل دفاعي عنه. لقد كنتُ محاميا متطوعا له لأنه مظلوم ظلما ذا أبعاد سياسية، ومن ثم دافعت عنه مجانا بغية رفع الظلم عنه. إنه موقف، والمواقف، حسب اعتقادي، لا تعوض.
وإذا كنتم تحتكرون لأنفسكم حق مدح الذات، فإنكم لا تستطيعون احتكار التحدث بالنعم، فأنا بدوري أتحدث عن نعمة الله عليّ بأنْ جَعَلَ ما كنت أطالب به، أمس، من ضمانات حقوقية للمعتقلين والموقوفين، ما زلت أطالب به اليوم، وبنفس الأسلوب وبنفس القناعة وبنفس الإلحاح. وبالمناسبة، فإنني أطالب بنفس الضمانات لولد حدمين بعد استدعائه من قبل شرطة الجرائم الاقتصادية. إنه موقف ثابت ينم عن نِعَم من حقي، بدوري، أن أحمد الله عليها وأتحدث عنها.
وأخيرا، فإنني احترمكم جدا، ولا أرجو لكم إلا التألق والتوفيق