تعهداتي بين الخوف و الأمل / خالد لبات

جمعة, 10/07/2020 - 18:17

فخامة الرئيس لقد كسبتم ثقة الشعب الموريتاني بالأغلبية المطلقة معتمدين في ذلك على الله و على نهج المصارحة ، متسلحين ببرنامج طموح مثل في كينونته تطلعات الجماهير الموريتانية كما جسد إرادة قطاعات عريضة من القوى الحية و الحركات و التيارات السياسية الموريتانية و لم تخيبوا الظن إبان استلامكم للرئاسة فقد أعلنتم الإنفتاح كسياسة و التشاور كنهج كما عملتم على القطيعة مع عهد الإنفصام بين الحكومة و الشعب من خلال التعاطي الجريئ مع كل قضايا و هموم الشارع الموريتاني ...

و لكن مع الأحداث الأخيرة المتسارعة و ظهور أوجه من رموز فساد العشرية في الحكومة و على كبريات الشركات الموريتانية و برغم الشخصيات النظيفة و الكفاءات الوطنية التي عملتم على دمجها في الفترة الأخيرة ، إلا أنه بدأت الشكوك و إشارات الإستفهام لدى الشعب الموريتاني و بدى البرنامج الطموح "تعهداتي" بين الخوف و الأمل فكيف يراد لنا  نصدق من كذبوا علينا على مدار عشر سنين ؟! و يكيف يراد لنا أن نثق في من يتم استدعاؤهم يوميا للتحقيق في قضايا نهب و فساد ؟! 

سيدي الرئيس نثق في درايتكم التامة بمفاصل الدولة و سياساتها إلا أنه لم يعد هناك أي مسوغ سياسي و لا مهني يدعم الإحتفاظ بهؤلاء في وزارات و شركات و مفاصل حيوية للدولة ... سيدي الرئيس ألم يأتيك نبأ "غورباتشوف" آخر رؤساء الإتحاد السوفياتي قبل تفككه لقد ظن أنه بالإمكان أن يحارب الفساد بالمفسيدين  : 

سيدي الرئيس لقد كان غورباتشوف سياسيا بارعا و رجل دولة بكل المقاييس و تسلم الرئاسة آنذك بإجماع حزبي و وطني منقطع النظير و لكنه وجد البلاد تئن تحت وطأة عقود من الركود الاقتصادي، بسبب التراجع المستمر لمعدلات النمو والفاعلية الإنتاجية، وتكاليف الحرب الباردة، وبرامج سباق التسلح مع الأميركيين، وخسائر الاستنزاف الحربي جراء التورط في المستنقع الأفغاني، وأزمة الحريات في الدولة

حاول غورباتشوف أن يحدث تحولات في سياسة البلاد الداخلية والخارجية ؛ فأعلن انتهاجه سياسة "الغلاسنوس" أي العقلانية والشفافية في إدارة البلاد ، وقدم خطة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية سماها "البريسترويكا" و تعني إعادة البناء ...

تضمنت سياساتُه الإصلاحية الداخلية في خطوطها العريضة الاهتمامَ بالديمقراطية وحقوق الإنسان، والتحول إلى اقتصاد السوق، وإلغاء احتكار الحزب الشيوعي للسلطة وحظر التعددية الحزبية، وزيادة استقلالية المؤسسات المحلية، وإطلاق سراح مئات السجناء السياسيين ... 

و برغم النظرة الثاقبة لديه و الإرادة الجادة في الإصلاح إلا أنه جعل من نفسه نقطة بيضاء في بحر أسود من المفسيدين و تفككت جمهورية الإتحاد السوفياتي في عهده و بعتراف منه قال : "لقد ارتكبت خطأ حين وثقت بالمفسيدين " 

و في الأخير سيدي الرئيس يجب نزع الثقة من المفسيدين قبل فوات الأوان  ..!