أعتقد أن الفساد في هذه البلاد عقلية و سجية أتصف بها سكان هذه الربوع و امتهونوها خلال عقود من الزمن و رسخوها في أذهان أبنائهم و مرؤوسيهم و جيرانهم و من إحتك بهم حتى أصبح الفساد عقلية و اصبح المفسد و سارق المال العام بطل قومي تنشد له القصائد و يمدح بشتى صنوف المدح و تشجعه الثقافة المحلية على فساده حتى بالأمثال الشعبية حيث نقول محليا (اللي تول شي ظاكو) و عندما يتولى مثلا شخصان مناصب ساميه فيصبح أحدهم من الأثرياء بينما يكون الآخر دونه درجه لأنه قلما تجد شخصا سلمت يداه من المال العام نقول إن الأول أفكراش الأنه بنى نفسه و أهله بينما الآخر منيفيش ما أزً شي لراصو.

من الإمور التي شجعت على الفساد هنا أن الدوله سنت القوانين الرادعة و أنشأت المحاكم كمحكمة الحسابات و محكمة العدل السامية و مختلف أنواع المفتشيات منها ماهو داخلي في كل قطاع و المفتشيه العامة للدوله لكن كل هذا ظل حبرا على ورق حيث أنه تم ضبط العديد من المسؤولين سيئي التسيير لكن أيا منهم لم يعاقب و إذا حدث أن أعتقل شخص ما و في الغالب لتصفيه حسابات شخصيه يمضي فترة قليله في المعتقل ثم يخرج دون محاكمه و يعود إلي مسروقاته ليعيش بها عيشة الملوك و يطغى بها و يتجبر و أحيانا يتم تعينه في مناصب أكثر حساسيه.

موريتانيا بلد غني يملك من الثروات ما لو تم تسييره بطريقة عادلة لكفى الجميع و لعاش كل شخص في ظروف معيشية لائقة جدا.
نحن نمتلك شواطئ من أغنى شواط العالم بشتى صنوف الأسماك.
نحن لدينا ثروات معدنيه هائلة تشمل الحديد و الذهب و النحاس و البترول و الغاز .....الخ.
نحن نمتلك أراضي زراعية على ضفة النهر تقدر با 160 ألف هكتار نستغل منها أقل من 30 ألف هكتار.
نحن نمتلك ثروة حيوانيه هي الثانية إفريقيا إن لم تكن الأولى.
هذا بالإضافة إلى بعض الإمكانات الأخرى في مجال الطاقة مثلا مناخنا الصحراوي الحار خلال ثمانية أشهر تقريبا من العام يمكننا من إنتاج حاجتنا من الطاقة بكل سهولة.

كل هذا و عدد سكان البلد لا يتجاوز أربعة ملايين يعيش أغلبهم في فقر مدقع و لا يحصلون علي أبسط أساسيات الحياة من تعليم و صحة و توظيف و مياه صالحة للشرب و كهرباء و طرق معبدة و نقل لائق........

كل هذا نتيجة للفساد الذي نخر جسم هذا البد الغالي عقودا طويله.

أملنا كبير في هذا النظام أن يعيد القطار إلى السكة و أن ينجز ما ينفع الناس و يمكث في الأرض و ينعكس إيجابا على ظروف الناس المعيشيه و أن يضرب بقوة مدرسة الفساد و يتخلص من أساتذتها و تلامذتهم في أسرع وقت.
وفقكم الله.