تعقيب على تدوينة سابقة
كتبت تدوينة، تعليقا على ندوة حول الهجرة والدروس المستخلصة من هذا الحدث العظيم ، ولكنى فُهِمت فهما خاطئا ، ظنًّا أنى أهاجم المحظرة أو كل خريجى المحظرة !!!؟ إنى أريد أن أوضح ما يلى:
● لعلّ من فهمنى ذلك الفهم الخاطىء لا يدرى أنى لما خُيّرت فى مرحلة السنة الأولى من الإعدادية فى ثانوية العيون سنة ١٩٧٣-١٩٧٤، بين الشعبة الفرنسية و الشعبة العربية التى كان أعداء العربية يسمونها آنذاك "المحظرة" ، أخترت "المحظرة"
● وأنى، ولله الحمد ابن بيئة محظرية بامتياز، فيها يبدأ تدريس الأطفال فى المحظرة قبل المدرسة، وأن والدى، محمد ولد صالح ولد الرشيد رحمه الله، حافظ لكتاب الله وشيخ محظرة، درس فى محظرته، التى هي جزء من محظرة والده، العديد من خريجى المحاظر، وعليه لا أقبل أن يزايد عليّ فى حب وتقدير المحظرة أيّ أحد...
● مع هذا كله لا أزال أكرر مضمون تدوينتى، وقد يكون من قبيل النقد الذاتى، ولكنه حملته رياح ساخنة إلى حيث لم أكن أرغب...!!!؟
و إنى أجزم أنّ أسلوب التدريس، وله حسناته وسلبياته، لا يهيىء حفظة تلك العلوم والمتون للتفكير الاستنباطي والبحث ، بشكل عام ، وإن استثنينا الفهم والاستنباط والاجتهاد فى العلوم الشرعية، فإنّ العلوم الأخرى كالتاريخ والأدب وغيره من السير وخاصة النبوية فكان هؤلاء يحفظون كل صغيرة ودقيقة ولكنه مجرد حفظ فقط... أما العلوم الحديثة فأعذرهم أي خريجى المحاظر لأنهم لم يدرسوها ، ومن هنا أطالب بتدريس هذه العلوم فى المحاظر و تحضير طلبة المحاظر منذ المرحلة الأولى للانتقال إلى المستويات العليا، كالجامعة أو المعاهد التى تعطى أولوية للعلوم الشرعية...
وأتذكر هنا محظريا عبقريا، تمكن من النجاح كمترشح حر إلى الإعدادية فى ثانوية العيون، و دخل معنا فى ذلك القسم الذى كان الأعداء يسمونه "المحظرة".. لقد كان مستواه فى اللغة العربية يفوق مستوى الأستاذ، وكان الاستاذ يعترف له بهذا التفوق... ولكن هذا المحظري العبقري أيضا يتعامل مع دروس الجبر والحساب بنظم القيم الثابتة لزوايا المثلث و كذلك قوانين الفيزياء فى أنظام تشابه الأخضرى أو أجروم وغيرها !!!؟ ولك أن تتصوّر لو كان سبق له تكوينا فى المحظرة فى هذه العلوم، الرياضيات، وغيرها، فماذا عساه سيكون قياسا على باقى التلاميذ؟
●أخيرا أطالب ، فى هذه المرحلة التى نسمع فيها الحديث عن مشروع المدرسة الجمهورية، أن يكون للمحظرة نصيبها، تطويرا ودعما و دمج خريجيها عن طريق خطة تستوعبهم و تستثمر علمهم ...
وقبل أن أختم أرجو مناقشة ونقد فهمى للدروس المستخلصة من الهجرة و هنا سألحق تدوينة سابقة بهذه التى بين أيديكم...
وكتبه ابراهيم ولد صالح
بتاريخ ١٤٤٦/١/٦ هجرية
موافق ٢٠٢٤/٧/١٣ ميلادية
أيقظنى "محظري" من نوم الضحى ليخبرنى عن ردّه هو و محظري آخر على تدوينة تعرّضت فيها لبعض خريجى المحاظر وانتقدت تناولهم لموضوع هام ومفصلي فى التاريخ الإسلامي ، ألا وهو الهجرة النبوية....
أخويّ العزيزين، أودّ أن ألفت انتباهكما
أنه لو صادف أحد ما عجوزا تقود أتانها فى أعماق أريافنا، لجلب الماء أو لجني ثمار الأشجار والأعشاب المغذية ، وسألها عن هجرة المصطفى، لقصت عليه قصة أسماء بنت أبى بكر الصديق وسبب تسميتها ذات النطاقين ولحدثته عن بيت العنكبوت وبيض الحمام على وصيد غار حراء، و عن سراقة و قصة نطاق وسوار كسرى الذى بشره و وعده به صلى الله عليه وسلم، بعد أن أعطاه الأمان بل ستفصل لكم فى قصة هذا النطاق والسوار الذى غنمه المسلمون بعد سقوط بلاد فارس، و قصة سراقة مع الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب بشأنهما.. ثم تقص عليه هذه االعجوز قصة أم معبد وشاتها المباركة، و ستحدثه عن الأنصار على ثنيات الوداع و هم مغتبطون بقدوم المصطفى يغنون طلع البدر علينا.... ...
وعليه كنت أرجو من خريجي المحاظر هضم العلم المبارك الذى يحفظونه و استخدام نوره لفهم صحيح للعالم المحيط بهم ، واكتشاف الرسائل المبثوثة فى القرآن والحديث قبل أن يأتينا أوروبي أو آخر من غير المسلمين ليقول لنا :
■ السر فى عدم اختلاط البحرين ، ونكون قد سبقنا بتدبرنا وفهمنا للآية الكريمة: مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان
• ■وأن نفهم الرسالة التى يتضمنها قول الحق تعالى:
فَٱلۡیَوۡمَ نُنَجِّیكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنۡ خَلۡفَكَ ءَایَةࣰۚ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنۡ ءَایَـٰتِنَا لَغَـٰفِلُونَ..... فنكتشف آثار الفراعنة والحضارة المصرية قبل الأوروبين،
■ وأن نكتشف الدورة الغذائية(أو السلسلة الغذائية) من الحكمة فى حديث القرآن عن النبات قبل الحيوان(أو الإنسان) لأن النبات هو الكائن الوحيد الذى يستقبل أشعة الشمس عبر الكلوروفيل فيحوّلها إلى طاقة تنتقل منه عبر السلسلة المذكورة، و من المعلوم أنه لولا الشمس والنبات لما كانت هناك حياة كما نحياها دون انتباه إلى نعمتها، لقد تحدث القرآن الكريم فى سورة عبس عن أول هذه السلسلة وهو النبات فقال تعالى:
فلينظر الإنسان إلى طعامه إننا صببنا الماء صبّاً ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبّاً وعنبا وقضبا و زيتونا ونخلا وحدائق غُلبا وفاكهة وأبّاً..... قبل أن يتحدث عن كون أصناف النبات هذه : متاعا لكم و لأنعامكم.
■وأن نفهم من الحديث الشريف أيضا الرسالة التى يحملها فى جانبه الاقتصادي فيتوجه المهتم بالاستثمار نشاطه الاقتصادي (المباح طبعا) إلى البناء وأدوات البناء .. والحديث عن أمارات الساعة، وفيه: ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان.....
ولقد تعجبت لمّا رأيت رافعات الأثقال و أدوات البناء و مؤسسات العمران نشيطة فى عواصم أوروبية(باريس، بون، مدريد..وغيرها كثير) من المفروض أن المبانى السكنية والإدارية وغيرها قد اكتملت وأن النشاط العمراني سيكون ضعيفا جدا... إذن يفهم من هذا أن الإنسان مجبول، بفطرته على هذا النشاط سواء عندنا أو عند غيرنا، وأن المستثمر فيه سينجح نظرا لاستمرارية الحاجة إليه...
ختاما هل ترون معى أن ما ذكرته فى حديثى عن الهجرة أعمق و أن هذا الحدث العظيم يحمل أسرارا ورسائل ينبغى استنباطها واستخراجها و فهمها وتوظيفها....
وكتبه ابراهيم ولد صالح
بتاريخ ١٤٤٦/١/٥هجرية
موافق ٢٠٢٤/٧/١٢