من سيكون الوزير الأول في الحكومة المرتقبة؟

أحد, 02/07/2023 - 13:00

يحبس الموريتانيون أنفاسهم في انتظار الإعلان عن حكومة يجب بحكم الدستور تشكيلها عقب انتخاب برلمان جديد هو من سيكون له التنصيب البرلماني لتلك الحكومة.

مباشرة بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية كانت التحليلات والتوقعات تشير باتجاه عدم التأخر في تشكيل الحكومة في ظل التوجه لتثبيت الوزير الأول الحالي واقتصار المنتظر من تعديل على خروج وزير أو إثنين إلى الحقل الدبلوماسي لدواعي صحية روعيت عندما تركت بعثات دبلوماسية دون تعيين ممثلين بها لاستقطابهم، بالإضافة لمن من الوزراء النواب يختار للوظيفة البرلمانية.

لاحقا، دفع تأخير انعقاد أول جلسة للجمعية الوطنية المنتخبة عن الموعد الدستوري المقرر له، ولأكثر من أسبوع، وبعد ذلك التراخي في تشكيل الحكومة إلى الاعتقاد بأن حجم ما سيطالها من تغيير قد يكون أكبر من ما كان منتظرا أول مرة، وإن أرجع البعض ذلك التأخير لما يتم تداوله بشأن هيكلة جديدة للحكومة تطال تركيبة الداخلية واللامركزية ووزارة البترول والمعادن، وحتمية التغيير على مستوى وزارة الاقتصاد وترقية القطاعات الانتاجية، التي يعاني وزيرها غربة بين أبناء وطنه في كل مرة يسلك الطريق الرابط بين روصو ونواكشوط، لأنه لم يتصادف مع أفراد أمن من سحنته ويرفض أو يعجز عن مخاطبة برلمان بلده باللغة الرسمية للبلاد، سيكون أكثر غربة في القمة الاقتصادية العربية التي ستستضيفها موريتانيا.

ولأن عنوان بل وحتى مدى المنتظر من المرتقب من تعديل يرتبط بدرجة كبيرة بمن تسند له الوزارة الأولى في الحكومة الجديدة تتضارب الآراء بشأن من يقع عليه الاختيار وبدوافع تتراوح بين الدعاية لهذا المرشح أوذاك، وبين استقراءات وتحليلات تطرح معايير بعينها ستسهم في حسم الاختيار:

التحديد على أساس طبيعة النظرة للتغيير:

بحسب المفارقة الموريتانية الخاصة، عندما يتعلق الأمر بالتغيير ينظر الموريتانيون للماضي، ربما لأن ما عرفوا من تغيير كان دائما في ظل الاستقرار، ومصطبغا بالتدوير أبدا، لذلك، يستحق هؤلاء الترشيح لرئاسة الحكومة المقبلة:

1-الوزير الأول الحالي وفرضية التثبيت:

تثبيت الوزير الأول الحالي محمد ولد بلال مسعود في منصبه وارد للغاية ولأكثر من اعتبار:

- أهمية ما للرجل من خبرة راكمها خلال السنين الماضية.

-نجاحه في تبني سياسة صفر أعداء، ولعلها الميزة النسبية التى سيذكره بها الجميع.

-محدودية الفترة المتبقية من مأمورية الرئيس.

- أن تحقق انسجام وزير أول جديد مع فريق حكومي جديد أو تعايشه مع الفريق المنصرف لن يكون بالأمر المضمون. ما يعنى أنه في حالة عدم تبني تغيير حكومي شامل، فإن تجديد الثقة في ولد بلال تضمن به وحدة الفريق الحكومي الذي اعتاد تنسيق عمله

- لن يكون هنالك من هو أكثر حماسا ولا أقدر منه على الدفاع عن حصيلة عمل حكومة الخمسية المؤذنة بالانقضاء.

- بالقياس، وبحسب ما تردد بمناسبة كل تعديل حكومي عن رفض بعض الوزراء ترك قطاعاتهم أو استبدالها بأخرى ونجاحهم في ذلك، قد يسهم عدم شغور وظيفة تناسب وزيرا أول في الإبقاء على ولد بلال إلى حين أن توجد.

إنها تقريبا ذات الاعتبارات التي دفعت لعدم ترشيح ولد بلال للنيابيات الماضية تمهيدا لمنحه رئاسة الجمعية الوطنية، وإن كان ذلك الخيار قد تأثر بشكل حاسم حينها بكونه وهو التكنوقراطي الصرف، خارج سحنته لا ارتباط له بشريحة لحراطين.

أما مبررات استبداله بغيره فكامنة في أسباب تعيينه، وتقويم أدائه وغياب أي ظهير سيعترض على مغادرته، بل أنه هو نفسه قد لا يأسف على ذلك القرار.

المرشحون استحقاقا:

عند كل حديث عن إمكانية تعيين وزير أول تنصرف الأذهان إلى "المستوزرين بالفطرة" أو من قادتهم الأقدار لهذا المنصب في سالف الأيام، فعمليا يعتبر في عداد المرشحين بالاستحقاق كل الذين شغلوا وظيفة وزير أول: سيدي محمد ولد ببكر، الشيخ العافية ولد محمد خونة، أسغير ولد أمبارك، محمد الأمين ولد أكيك، يحي ولد أحمد الوقف، الزين ولد زيدان، مولاي ولد محمد الأغظف، إسماعيل ولد الشيخ سيديا ومحمد ولد بلال مسعود ". ويتخلف عن القائمة: المختار ولد داداه لرحمة الله، يحي ولد حد أمين، محمد سالم ولد البشير لظروف الاعتقال.

رهاب التغيير أو فقدان الأمل في حصوله يدفع الجميع هنا للنظر للخلف كلما لاح أمل في التغيير أو تحقيق خطوة نحو مستقبل أحسن، لذلك طبيعي أن يحوز المجربون –بكسر وفتح الراء- قدم السبق في الترشيح لتولي الوزارة الأولى، وقد كان....

الذين يحبون الوزارة الأولى ويحبها لهم أنصارهم:

بنفس المستوى الذي تتداول به أسماء الوزراء الأول من السابقين في أفق كل تغيير حكومي بموريتانيا، يتم تداول أسماء أخرى لشخصيات تحب هذا المنصب ويحبه لها أنصارها، الذين يدفعون بأسمائها للتداول على نطاق واسع، في الصالونات والمجموعات الواتسابية، وفي المنشورات مدفوعة الثمن:

1-ولعل من أبرز هذه الشخصيات التي يتم تداول أسمائها في هذا السياق الوزير الأول السابق والوزير الأمين العام للرئاسة مولاي ولد محمد الأغظف، الذي يكتسب تداول اسمه بعض المنطقية في ظل قربه من مركز صنع القرار، وانتمائه لمنطقة الخزان الانتخابي في الشرق الموريتاني، ومعرفته بالجغرافية السياسية لموريتانيا، وهي جغرافية ستكون مهمة لصناع القرار خلال السنة الانتخابية التي بدأت أو تكاد.

كذلك يضمن تعيينه وزيرا أول تأكيد تحييده عن المشهد الانتخابي للسنة المقبلة 2024، ويوفر فوق ذلك شغور وظيفة مناسبة للوزير الأول المنصرف، حيث تمثل وزارة الأمانة العامة للحكومة المثوى الطبيعي للوزراء الأول.

2-الاسم الثاني الذي يتم تداوله كل مرة هو عبد الله ولد سليمان ولد الشيخ سيديا، الذي رغم وجوده وعمله خارج موريتانيا يحتفظ بعين وأذن وقلب على ما يجري محليا، ويعتقد أنصاره أنه كان المرشح لشغل المنصب في أول حكومة للرئيس غزواني، لولا أن ذلك بدا وكأنه إجراء غير ودي اتجاه الرئيس المنصرف محمد ولد عبد العزيز الذي لم تكن علاقته حينها بخلفه قد تغيرت لضد ما كانت عليه.

يرشحه أنصاره للمنصب باعتبار رصيده من التفاهم والانسجام التام بينه وولد الغزواني، تجاربه الاقتصادية ومعرفته بآليات عمل مؤسسات التمويل وتمتعه بشكة علاقة على المستوى الأوروبي وفى فرنسا تحديدا.

3-الاسم الثالث من أسماء التداول هو وزير الإسكان الحالي سيدي أحمد ولد محمد: والواقع أن تداول اسمه جاء من أكثر من جهة ولدوافع متباينة؛ فقد كان أداؤه في وزارة التجارة لافتا ومحدثا للفارق، في وزارة على تماس مع أقوات الناس ومعايشهم، فكان لما بذل في مراقبة الأسواق والتعاطي المباشر والفوري مع المستهلكين بالغ الأثر في المقبولية التي حظي بها وجعلت البعض يتطلعون لتكليفه بمسؤولية أسمى لتعميم وتعظيم التجربة والفائدة.

يدفع باسمه كذلك من جهات لا تتمنى له الخير وتريد باستحضار اسمه عند كل حديث عن اختيار وزير أول وضعه في مواجهة مع المفترسات السياسية من شريحته، وجهته باعتبار ما يتمتع به من حظوة وطموح.

يحوز ميزة نسبية باعتبار سحنته، في ظل وجود رئيس للبرلمان بسحنة مغايرة وشغل زنجي لرئاسة المجلس الدستوري. وإن كان تبريره لحرمان حراس المنازل من شريحة لحراطين من قطع أرضية بتفرغ زينة على أساس احترام التوزيع الطبقي للسكان والمساكن قد أضر كثيرا بأي ادعاء لتمثيله للمنتمين لتك الشريحة.

مرشحون على أساس "الإنجاز":

1-رئيس حزب الإنصاف محمد ماء العينين ولد أييه: الذي سيتماشى تعيينه وزيرا أول مع مفهوم روح الدستور التي تفرض أن تتولى القوة الحزبية الأولى في البرلمان رئاسة الحكومة. كما أن توزير رئيس الحزب سيعزز مكانته في المشهد السياسي في أفق سنة انتخابية.

وفوق ذلك فإن ولد أييه استطاع في كل مرحلة من مراحل توزيره أن يضع بصمة في ما أسند إليه من قطاعات وأن يخرج منها بيد نظيفة، فقد كان ملء السمع والبصر أيام توليه حقيقة التهذيب، واستطاع أن ينعش آمال منتسبي القطاع، كما أعاد للنطق باسم الحكومة هيبته، كما انه يتمتع إضافة لذلك بميزة مهمة للوزير الأول؛ وهى أنه لا يصنع الأعداء، الصفة المطلوبة لمنسق العمل الحكومي في سنة انتخابية.

2ــ الاسم الثاني من أسماء وزراء الإنجاز هو الوزير الأول السابق الزين ولد زيدان الذي استطاع رغم قصر الفترة التي قضاها وزيرا أول أن يحقق مستوى من الإنجاز جعل أذهان الموريتانيين تقفز إليه كل مرة عند الحديث عن التغيير، غير أن طموحهم في تعيينه قد يصدم بعوامل الجغرافيا حين نتذكر أنه ينتمي ــ تقريبا ــ لنفس المنطقة الجغرافية التي ينتمي لها رئيس الجمهورية.

المرسوم الرئاسي بتكليف وزير أول جديد بتنسيق عمل فريق حكومي جديد هو الذى سيحدد حيز التغيير المطلوب ...

لا حاجة ولا مجال للتغير إذا كان الوزير الأول المعين سيجبر على التعايش مع الكائنات السياسية العابرة للأنظمة.

فى ظل قصر المتبقي من الزمن على الانتخابات الرئاسية، سيكون من غير الموضوعي -في ظل الأداء المتقدم خلال أربعة أخماس المأمورية- أن يحمل آخر القصعة ما خلا منه أولها.

ومع ذلك يبقى الأمل، وقديما قيل:" أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل أبدا"
المصدر: موقع نوافذ