انطلق الحوار الوطني الشامل في تشاد السبت بين المعارضة المدنية والمسلحة والمجلس العسكري الحاكم، بعد أن تأجل عدة مرات، على أن يستمر ثلاثة أسابيع بهدف "طي صفحة" المرحلة الانتقالية والتوصل إلى إجراء "انتخابات حرة وديمقراطية".
في هذا السياق، أعلن رئيس المجلس العسكري محمد إدريس ديبي إتنو خلال جلسة الافتتاح أن "هذا الحوار الوطني الشامل يشكل لحظة حاسمة في تاريخ بلادنا". وأضاف أن الحوار "سيرسم سبل انطلاقة جديدة".
ووصل محمد إدريس ديبي إتنو بالزي العسكري إلى الباحة الخارجية لقصر 15 كانون الثاني/يناير يرافقه طاقم أمني كبير حيث أزاح الستارة عن تمثال يرمز إلى الوحدة الوطنية قبل أن يدخل القصر.
وكان محمد إدريس ديبي الذي تولى السلطة في نيسان/أبريل 2021 على رأس المجلس العسكري الانتقالي بعد وفاة والده إدريس ديبي الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لمدة 30 عاما، وعد بتنظيم حوار مع المعارضة للتوصل إلى إعادة السلطة إلى المدنيين خلال مهلة 18 شهرا قابلة للتجديد مرة واحدة.
وسيجتمع نحو 1400 مندوب يمثلون نقابات وأحزابا سياسية والمجلس العسكري الانتقالي لمدة 21 يوما في قصر 15 كانون الثاني/يناير في قلب العاصمة نجامينا، من أجل مناقشة إصلاح المؤسسات ووضع دستور جديد يفترض أن يعرض للتصويت في استفتاء. وستناقَش أيضا قضايا السلام والحريات الأساسية.
وسيجتمع المندوبون في إطار لجان متنوعة.
وسيلقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي التشادي موسى فقي محمد كلمة في افتتاح الحوار.
"فرصة تاريخية لإرساء أسس جديدة لاستقرار"
يفتتح هذا "الحوار الوطني الشامل" الذي كان مقررا عقده في شباط/فبراير قبل تأجيله مرات عدة، بعد أقل من أسبوعين على توقيع اتفاق في الدوحة بين المجلس العسكري التشادي ونحو أربعين مجموعة متمردة. وينص الاتفاق الموقع في الثامن من آب/أغسطس وأبرم مع عدد من المجموعات المسلحة التي قاتلت نظام إدريس ديبي لسنوات، خصوصا على "وقف لإطلاق النار". وقد سمح ذلك بمشاركة المتمردين في الحوار.
وقال تيمان إرديمي زعيم "اتحاد قوى المقاومة" الذي عاد الخميس إلى نجامينا بعد سنوات من المنفى للمشاركة في الحوار، "وقعنا هذا الاتفاق لإعادة بناء تشاد". والموقف نفسه عبر عنه محمد نوري زعيم حركة "اتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية".
من جهته، هنأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تشاد بهذا الحوار معتبرا أنه "فرصة تاريخية لإرساء أسس جديدة لاستقرار" البلاد.
وشهدت تشاد التي استقلت عن فرنسا منذ 1960 عددا من الانقلابات والمحاولات الانقلابية. وقال المتحدث باسم الحكومة عبد الرحمن كلام الله إن "هذا الحوار يجب أن يسمح لنا بجعل استخدام السلاح وراءنا بشكل نهائي".
وينص مرسوم وقعه الأربعاء رئيس المجلس العسكري محمد إدريس ديبي على أن "الحوار الوطني الشامل" سيكون "سياديا" وقرارته ستكون "تنفيذية".
كذلك، ينص على أن "رئيس المجلس العسكري الانتقالي، رئيس الجمهورية، رئيس الدولة، هو الضامن" للحوار.
"انتهاكات حقوق الإنسان"
لم توقع "الجبهة من أجل التوازن والوفاق في تشاد"، إحدى الحركات المتمردة الكبرى التي تقف وراء الهجوم الذي أودى بإدريس ديبي، اتفاق الدوحة ولن تشارك في الحوار معتبرة أنه "منحاز بشكل مسبق".
ورفض ائتلاف أحزاب المعارضة وأعضاء المجتمع المدني "واكت تاما" أيضا المشاركة في الحوار، متهما المجلس العسكري بإدامة "انتهاكات حقوق الإنسان" والتحضير لترشيح الجنرال ديبي للرئاسة مع أنه تعهد في بداية المرحلة الانتقالية بألا يترشح.
من جهته دعا سوكسيه ماسارا زعيم حزب "المغيرين" العضو في ائتلاف "واكت تاما" والمعارض للمجلس العسكري السبت، إلى المقاومة المدنية وإلى التظاهر، متحدثاً أمام مئات من مناصريه خلال اجتماع في مقر حزبه في نجامينا وسط عدد كبير من عناصر الشرطة.
واضطر محمد إدريس ديبي إلى تقديم تعهدات للمجتمع الدولي واعدا بإعادة السلطة إلى المدنيين خلال 18 شهرا وعدم الترشح للانتخابات المقبلة.
لكن بدا في حزيران/يونيو 2021 أنه يتراجع عن وعوده عندما قال إن تمديد مهلة الانتقال المحددة بـ 18 شهرا وارد، مشيرا إلى تسليم "أمره لله" في مسألة احتمال ترشحه للرئاسة.
فرانس24
يتم