مفوضية الأمن الغذائي :إصلاح حتمي على الرغم من صعوبته

خميس, 14/04/2022 - 10:27

 هذه الخطوة التى اتخذتها الجهات العليا اليوم بتكليف الدكتور المهندس الامام ولد عبداوه بمسؤولية في هذه المؤسسة هي بداية الإصلاح الذي لابدّ منه لأجل تمكينها من استعادة دورها كوسيلة حققت وأنجزت بها الدولة سياسات حساسة في أوقات حرجة...

لقد أنشئت هذه المؤسسة العتيدة نهاية السبعينات لمواجهة كارثة الجفاف الذي ضرب البلاد وقضي علي الأخضر واليابس، فكانت مهمة " مكتب الحبوب" كما كانت تسمي آنذاك إيصال و توزيع المواد الغذائية ،التي كانت هبات من دول عربية (العراق،دول الخليج العربي) وأجنبية(أوروبية وأميريكية)؛ وكان أغلب الكادر البشري في تلك الفترة من الجيش وقليل من المدنيين ..

وفي فترة الثمانينات رأت الدولة، إنطلاقا من هدف معالجة الاعتماد علي العون المجاني وما يسبب من اتكالية ومظاهر سلبية ، أن تطلق موازاة للعون المجاني، مشروع " الغذاء مقابل العمل " الذي يهدف إلي الدعم المشروط بأعمال منتجة (تنظيف الشوارع، ترميم البني التحتية الزراعيه، التعاونيات النسائية....الخ)ولأجل ذلك اكتتب المشروع مهندسين من تخصصات مختلفة، وبالمناسبة من ضمنهم الوزير الأول الحالي، المهندس محمد ولد بلال ، وكانوا مفخرة للدولة بصورة عامة و موجب اقتناع للمموّلين الذين أعطوا تمويلاتهم بسخاء ؛ وكان حصيلة ذلك نهضة ريفية حقيقية أنجزت خلالها آلاف البني التحتية، والاجتماعية.

وقدمت المفوضية للريف يد العون لتجاوز صعوبات قلّة الإنتاجية ولفك العزلة وتثبيت السكان في مواطنهم وخلق الدخل وتحسينه وفرص أعمال مختلفة... وخلال هذه الفترة كان هناك على رأس هذه المؤسسة الناجحة والتي أصبحت تُعرف بمفوضية الأمن الغذائي، مسؤولون يجلبون التمويلات من الخارج وينافسون علي صعيد الداخل وزارات عتيدة كوزارات التنمية الريفية، والصحة،وشؤون المرأة والتعليم....في مجال التنمية القاعدية...

و منذ مدة، خلال العقد الماضي، بدأت مرحلة الهبوط إلي الهاوية ، فتغيّرت معايير تولّي المهام، وتدهور أساس الإختيار، وتم تكليف من لا خبرة له ولا مؤهلات ،مهام سامية؛ فتبخرت النتائج وضاعت التمويلات وانسحب الممولون، وتراجعت ثقة الدولة في هذه المؤسسة التي كانت واجهتها و وسيلتها الفعّالة لمواجهة الأزمات، و أخطر من كلّ ذلك تقاعد أو ذهاب الطاقات الفكرية والعلمية، التي حملت على عاتقها إنجاحها و الوصول بها إلي المستوى العالى الذى بلغته... ولكنّ الأمر الواقع والحالة المزرية يمكن تلافيها بمراجعة هيكلية و توزيع المهام حسب المعايير وتصريف الفائض من العمّال الذين تمّ حشرهم فيها لتحميلها أثقالا مع أثقالها ....

ومن بين هذه الإصلاحات بل و بمقتضي الهدف من تعيين الدكتور المهندس الامام ولد عبداوه، أن تُراجع مهام المفوض المساعد الذى لم يكن يلعب دورا، لا في اتخاذ قرار ولا في تنفيذه ، فلم يكن سوي منصبا مخصصا لاستيعاب موقف جهوي أو إرضاء قطب قبلي، ولم يكن صاحبه يطمح لأكثر من حصته من الكعكة التى لا تحصر ولا ينتهى توزيعها .! أمّا الآن فيجب أن يكون سندا حقيقيًّا له دور في برمجة سياسة المفوضية وتنفيذ هذه السياسة ، حسب برامج الدولة وشركائها في التنمية والعمل الانساني.

وأخيرا نحن متفائلون كثيرا بهذا القرار الذي يعكس تشخيصا صحيحا لحالة المفوضية وضرورة إنقاذها وأولى خطوات إصلاحها....

ابراهيم ولد صالح، مهندس بالمفوضية