تتزايد المخاوف لدى العديد من سكان الدول المغاربية من حمى ارتفاع الأسعار مع اقتراب حلول شهر رمضان بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا وتبعاتها على استيراد بعض المواد الأولية كالقمح والشعير، وعلى الرغم من تضمينات السلطات في كل من تونس والجزائر والمغرب إلى أن الأسواق تشهد تهافتا على شراء بعض المواد الغذائية خشية ندرتها أو ارتفاع أسعارها بشكل كبير.
ولا تزال الحرب الروسية على أوكرانيا المتواصلة منذ أسبوعين، تثير المخاوف من ارتفاع الأسعار في أسواق الدول المغاربية خصوصا مع اقتراب شهر رمضان الذي يحل مطلع شهر نيسان/أبريل المقبل.
فمنذ اندلاع الحرب، يقبل سكان دول المغرب العربي على شراء الدقيق والسميد مع ارتفاع أسعارها، على الرغم من تأكيد السلطات توفر كميات تكفي.
في محل تجاري في مدينة أريانة (شمال تونس)، كل الرفوف المخصصة للدقيق والسميد فارغة تماما ولا وجود سوى لثلاث علب سكر في الجانب المقابل.
وقد وضع العمال لافتة كتبوا عليها "من فضلكم لا يسمح بشراء أكثر من 1 كلغ"، حسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال العاملون في المحل "لا يوجد نقص في التزويد ولكن لهفة في الإقبال على شراء الدقيق والسميد".
وتتسوق هدى حجيج (52 عاما) بين أروقة المحل. وهي تتهم السلطات بأنها "لم تقدر (مسبقا) اندلاع حرب في أوكرانيا"، مؤكدة أنه "لا يوجد رز ولا دقيق في مطبخي منذ أسبوعين".
وأكد رئيس الغرفة الوطنية للمساحات التجارية الكبرى الهادي بكور في تصريحات إعلامية سابقة أن المواد الغذائية الأساسية متوفرة "ولن يكون هناك نقص" في نيسان/أبريل الذي يتزامن مع شهر رمضان الذي تتجمع خلاله العائلات ويتزايد نسق الشراء داخل الأسرة.
واعتبر المسؤول أن التهافت على شراء الدقيق (ارتفع بنسبة 700 بالمئة) والسكر (تضاعف ثلاث مرات) مردها أن التونسي يشتري بنسق كبير خلال فترة الأزمات.
"لا نقص في القمح"
يضطر سليم الطالبي صاحب مخبزة في العاصمة تونس، لشراء الدقيق الذي يستعمل عادة لإعداد الحلويات من المحلات التجارية ويخصصه لصناعة الخبز، بكلفة 10 دنانير للكيلوغرام الواحد أي ثلاثة أضعاف الثمن الذي كان يشتري به من مزوده.
ويعبر الطالبي لوكالة الأنباء الفرنسية عن "قلقه" من اعتماد تونس كليا على أوكرانيا وروسيا في توريد القمح اللين. وقال "كل هذا ولم نشهد بعد تداعيات الحرب".
أعلنت السلطات التونسية أن لديها مخزونا يكفي حتى حزيران/يونيو المقبل وأن المواد الغذائية الأولية (القهوة والسكر والمعجنات والسميد) مدعومة من قبل الدولة بشكل كبير. فسعر الخبز مثلا لم يتغير منذ عشر سنوات (حوالي 0,6 يورو).
ومنظومة الدعم التي تعتمدها تونس وتهدف إلى تفادي اضطرابات اجتماعية مثل تلك التي حصلت في ثمانينيات القرن العشرين، يتم اعتمادها أيضا في الجزائر التي تفكر في تغييرها.
الجزائر ثاني أكبر مستهلك للقمح بعد مصر
والجزائر ثاني أكبر مستهلك للقمح بعد مصر (10 ملايين طن سنويا). لكنها "لا تستورد القمح اللين من روسيا وأوكرانيا" حسب الديوان الجزائري المهني للحبوب، بينما أكد مسؤول في الميناء "لن يكون هناك نقص ويتواصل جلب الحبوب في ناقلات كبرى في اتجاء ميناء الجزائر العاصمة".
بالرغم من ذلك، سجل نقص في مادة السميد في تيزي وزو وبجاية ومنطقة القبائل بسبب التهافت على الشراء.
وعلق الناشط على موقع فيس بوك موح بن عامر "الحرب في أوكرانيا وتم الهجوم على كل مخازن السميد".
في الواقع، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في دول المغرب العربي قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وذكر الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع بأن هذا الغلاء "مرتبط بالظرفية الدولية"، بعد الركود الذي سببته الجائحة وأدى كما قال إلى "الارتفاع المطرد الذي عرفته أسعار الحبوب والمنتجات البترولية في السوق الدولية".
ارتفاع الأسعار في المغرب
في أحد أسواق الرباط يشكو الزبون مراد (37 عاما) من "الغلاء الفاحش لأسعار المواد الزراعية بسبب ارتفاع أسعار الوقود، ولكن أيضا بسبب الجفاف"، الذي يعاني منه المغرب هذا العام ويعد الأسوأ منذ أربعين عاما.
ويعاني المغرب الذي يعتمد على الخارج لتأمين احتياجاته من المحروقات، من ارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية.
وقد تسبب ذلك بإضراب هذا الأسبوع لمهنيي النقل البري للركاب والبضائع، بينما "تدرس الحكومة إمكانية تقديم دعم مالي لمهنيين النقل قصد حماية القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على الأسعار في مستويات معقولة"، وفق ما أفاد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس.
كما شهدت ليبيا البلد النفطي الذي يعتمد على استيراد المواد الغذائية (75% من استهلاكها من القمح يأتي من روسيا وأوكرانيا)، ارتفاعا للأسعار خاصة في مادة الدقيق والحليب والزيت والمخللات والسكر.
وارتفع ثمن الخبز إثر الأزمة في أوكرانيا وأصبح الجنيه الليبي الواحد (حوالي 0,22 يورو) لا يسمح بشراء أكثر من ثلاث قطع من الخبر المدعوم بدلا من أربع في السابق.
المصدر: فرانس 24