وسط استمرار جهود الوساطة الدولية لحل الأزمة في السودان، أصدر الفريق أول عبد الفتاح البرهان الخميس قرارا بالإفراج عن أربعة وزراء اعتقلوا خلال الانقلاب العسكري الشهر الماضي. ويأتي ذلك بعد اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع البرهان وحضه على "الإفراج فورا عن جميع الشخصيات السياسية المحتجزة منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر والعودة إلى حوار يعيد رئيس الوزراء حمدوك إلى منصبه ويعيد الحُكم الذي يقوده المدنيون".
وفي وقت يتصاعد فيه الضغط الدولي لاستئناف مسار الانتقال الديمقراطي، أصدر القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان قرارا الخميس بالإفراج عن أربعة وزراء احتجزوا إثر الانقلاب العسكري الشهر الماضي. وجاء قرار البرهان بعيد إعلان الجيش أن" تشكيل الحكومة بات وشيكا".
وكان البرهان أعلن الأسبوع الماضي حالة الطوارئ في البلاد وحل كل من مجلس السيادة الذي كان يترأسه، والحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وغيرها من المؤسسات التي كان يفترض أن تؤمن مسارا ديمقراطيا نحو الوصول إلى انتخابات وحكم مدني.
ومساء الخميس أعلنت الولايات المتحدة أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تحادث هاتفيا مع البرهان وطالبه بإعادة السلطة "فورا إلى الحكومة التي يقودها المدنيون".
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في بيان إن "الوزير حض البرهان على الإفراج فورا عن جميع الشخصيات السياسية المحتجزة منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر والعودة إلى حوار يعيد رئيس الوزراء حمدوك إلى منصبه ويعيد الحكم الذي يقوده المدنيون في السودان".
كما تحادث بلينكن الخميس مجددا مع حمدوك بعد المكالمة الأولى التي جرت بينهما في 26 تشرين الأول/أكتوبر غداة الانقلاب.
وقال برايس إن "وزير الخارجية شدد على دعم الولايات المتحدة القوي للشعب السوداني الذي يتطلع إلى الديمقراطية".
أتى البيان الأمريكي بشأن هاتين المكالمتين بعد إعلان المستشار الاعلامي للبرهان العميد الطاهر أبو هاجة أن "تشكيل الحكومة بات وشيكا".
وأضاف "ندرس كل المبادرات الداخلية والخارجية بما يحقق المصلحة الوطنية"، وفق ما نقل عنه تلفزيون السودان الرسمي الخميس.
بوادر لاتفاق بين العسكريين والمدنيين لتشكيل حكومة جديدة؟
بعد ساعات من تصريح المستشار، أعلن التلفزيون أن البرهان أصدر قرارا بالإفراج عن هاشم حسب الرسول وعلي جدو وحمزة بلول ويوسف آدم ضي.
وتولى حسب الرسول حقيبة الاتصالات، وجدو حقيبة التجارة، فيما شغل بلول وزارة الثقافة والإعلام وتولى آدم الضي حقيبة الشباب والرياضة. ولم يتضح على الفور موعد إطلاق سراح الوزراء.
وساطة دولية
وجاء قرار الإفراج بعيد اتصال هاتفي بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي دعا قائد الجيش لاستئناف مسار الانتقال الديمقراطي وإعادة السلطة للمدنيين.
وشجع غوتيريس "كل الجهود المبذولة لحل الأزمة السياسية في السودان واستعادة النظام الدستوري بشكل عاجل والعملية الانتقالية في السودان"، كما جاء في بيان صادر عن الأمم المتحدة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس إن واشنطن "علمت" بالإفراج عن الوزراء، لكنه شدد على الحاجة إلى مزيد من الخطوات، بما في ذلك إعادة الحكومة المدنية ورفع القيود على الإنترنت وإنهاء حالة الطوارئ.
وأضاف برايس "لقد أوضحنا أننا نقف إلى جانب شعب السودان الذي نزل إلى الشوارع سلميا ليوضح أن تطلعاته للديمقراطية ماثلة".
إطلاق سراح "على دفعات"
والتقى البرهان الأربعاء مع مبعوث الاتحاد الأفريقي للقرن الأفريقي أولوسيغون أوباسانجو وقال إنه "بصدد تعيين رئيس وزراء يقوم بتعيين حكومة مدنية تكنوقراط"، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السودانية (سونا).
دعا دبلوماسيون غربيون إلى عودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمنصبه، بينما حضت قوى عربية مثل السعودية والإمارات على استئناف الانتقال بقيادة مدنية.
وقال المستشار الرئاسي لجنوب السودان ورئيس وفد الوساطة توت غاتلواك إن الأمر بالإفراج عن الوزراء جاء بعد اجتماعات منفصلة مع كل من البرهان وحمدوك الذي لا يزال قيد الإقامة الجبرية.
وأضاف غاتلواك في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية في الخرطوم أن "الافراج جاء نتيجة جهود وساطة، اتفقنا على إطلاق سراح المعتقلين على دفعات، لقد طالبنا بالإفراج عن جميع المعتقلين".
وأكد غاتلواك أن المفاوضات جارية لتشكيل حكومة.وتابع أنه "لا مشكلة لدى البرهان في عودة حمدوك لمنصبه كرئيس للوزراء، لكنه لا يريد أن يعود الوضع إلى ما كان قبل 25 تشرين الأول/أكتوبر"، يوم الانقلاب.
وأضاف أن "حمدوك يظل أبرز مرشح لرئاسة الحكومة، لكن ذلك مشروط بموافقته". لكن حمدوك "يريد أن يعود الوضع إلى ما كان عليه قبل 25 تشرين الأول/أكتوبر"، وفق توت غاتلواك.
ويشدد البرهان، وهو جنرال مخضرم خدم في ظل حكم البشير الذي دام ثلاثة عقود، على أن استيلاء الجيش على السلطة لم يكن "انقلابا" بل خطوة لـ"تصحيح المسار".
وأدى استيلاء الجيش على السلطة إلى أيام من الاحتجاجات الجماهيرية في مدن عبر السودان قتل خلالها ما لا يقل عن 12 شخصا برصاص قوات الأمن، وفق مسعفين. ونظمت الخميس تجمعات صغيرة لمتظاهرين في الأحياء المحيطة بالخرطوم هتفوا بشعارات منها "يسقط الحكم العسكري".