مقاطعة تمبدغه أو تنيبه كما يدلعها أبناؤها تقع على طريق الأمل بين النعمة ولعيون وهي إحدى أهم مقاطعات الحوض الشرقي حيث تتميز بكثافتها السكانية وتاريخها المجيد ومناظرها الخلابة، وتلقب كذلك بعاصمة التراث والفن في الحوض ولأبنائها أدوار سياسية وثقافية خالدة في تاريخ موريتانيا على مر العصور، ولا نبالغ إذا قلنا أن أتنيبه ببلدياتها الخمس: حاسي امهادي وكومبي صالح وبوصطيله وأطويل والبلدية المركزية - هي مدرسة السياسية والحكمة والفن في الحوظ.
من المتوقع أن يقوم فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بزيارة لهذه المقاطعة الجميلة نهاية الشهر الجاري وهي خطوة تستحق المواكبة نظرا للأهمية الواضحة من هذه الزيارة في سياقها الزمني.
فالزيارة المنظمة لافتتاح معرض التنمية الحيوانية تأتي بالتزامن مع حالة من الهدوء السياسي والانسجام الاجتماعي بدأت ملامحها منذ استلام رئيس الجمهورية للسلطة بداية أغسطس 2019، وهي أيضا تأتي في زمن غير زمن الحملات الانتخابية التي تعَود سكان الداخل في السنوات الماضية على "زياراتها التهديدية" المعبرة عن حالة غير مسبوقة من الضعف والفشل في العملية السياسية المحلية بعد تهميش السياسيين وقتل الحراك السياسي في الداخل بجعله حالة "تجارية موسمية" نتج عنها أن الانتخابات ذات الطابع المحلي البحت صارت تحتاج للتوجيه الميداني من رأس السلطة كما حدث في انتخابات سبتمبر 2018.
لذا تبدو زيارة تمبدغه زيارة عملية بامتياز، وذلك ما يجعل الآمال المعلقة عليها كبيرة خصوصا من المهتمين بموضوع التنمية المحلية، وستتعزز التطلعات والآمال حول الزيارة المرتقبة إذ انتهزت هذه الفرصة للإعلان من خلالها تدشين تمبدغه كقطب تنموي في ولاية الحوض الشرقي، وبداية لإعلان أقطاب تنموية في ولايات أخرى.
فاعتماد نظام الأقطاب التنموية هو البداية الفعلية لتجسيد اللامركزية من أجل تنمية محلية شاملة ستنعكس نتائجها الإيجابية على حياة السكان ومردوديتهم الإنتاجية، مع إعادة الاعتبار للخدمات العمومية في الداخل للحد من الزحف الدائم نحو مركزة كل شيء في العاصمة نواكشوط.
إلا أن نجاح هذه الخطوة لا يحتاج فقط للإرادة الرسمية، بل لابد من وجود بصمات أبناء الداخل من خبراء اقتصاديين وفاعلين سياسيين للمساهمة في الرؤية التنموية والاستراتيجية العملية من أجل التركيز على الأولويات بالنسبة لكل منطقة؛ وإن من حسن الحظ أن هذه الزيارة ستأتي بعد أسابيع من جولة بعثات حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في الداخل، والتي كانت فرصة للاطلاع على أحوال السكان والاستماع لمطالبهم بشكل عفوي وحر لرفعها إلى الجهات المعنية.
وبالعودة إلى موضوع الزيارة المعلن حتى الآن حول افتتاح معرض التنمية الحيوانية في منطقة تتميز بخصائص رعوية فريدة وثروة حيوانية هائلة فإنه من الجيد أن تواكب وزارة التنمية الريفية هذا الحدث بتنظيم حملات تحسيسية قبل وبعد الافتتاح حول الأهمية الوطنية للاستفادة من هذه الثروة الحيوانية المعطلة مع التركيز على الآفاق التي سيتيحها الاستثمار في هذا المجال للمنمي البسيط.
كما تحتاج المؤسسات المستثمرة في مجال التنمية الحيوانية لتشجيع خاص من الدولة باعفائها من بعض الضرائب وإعطاء المنتج المحلي ميزة تنافسية لدعمه حتى يصل مرحلة التصدير لدول الجوار.
وفي الأخير يبقى الدور الأهم في توجيه المستهلك الوطني إلى جعل المنتج المحلي ضمن الأولويات من المهام المنوطة بمنظمات المجتمع المدني وقادة الرأي، وهي مسؤولية وطنية نبيلة على كل فرد منا التشبث بها.
بالإضافة لذلك فإن هذه الزيارة المرتقبة ستتزامن كذلك مع خطوة أخرى موفقة لدعم التنمية المحلية، ألا وهي تأسيس مجلس وطني للامركزية والتنمية المحلية يترأسه فخامة رئيس الجمهورية وبعضوية بعض الوزراء والعمد، وسيكون من الضروري أن تدرج بعض الوجوه الشبابية المهتمة بالموضوع ضمن التشكلة المنتظرة حتى تتعزز فكرة المجلس الوطني للامركزية بطاقات شبابية تتكامل مع التجارب الإدارية لبقية الأعضاء.
أحمدو ولد أبيه