ركود الإعلام الحر إلى أين؟/ بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن

أحد, 24/01/2021 - 14:26

الركود من أسباب الفشل و الاندثار،و لطالما شهدت قطاعات عدة فى موريتانيا، ركودا و تراجعا مشهودا،و إذا كانت مرحلة معاوية شهدت تشريعا للصحافة الحرة مع بعض القيود،من خلال "المادة 11" أو مقص الرقيب،لكنها مرحلة فتح فيها الباب على مصراعيه، للإذن لمختلف العناوين،فميع الحقل الإعلامي بكثيرين،رفعوا شعره و لم يلتزموا بأخلاقياته و ركز بعضهم على الاسترزاق فحسب،لكن الصحافة فى تلك الفترة كانت جذابة و مؤثرة و مقروءة،رغم ما كل يمكن أن يقال عنها.
و واصل ولد عبد العزيز التمييع مع التضييق على أرزاق المهنة الصحفية.
فأضحت الصحافة فى نهاية حكم ولد عبد العزيز، بصفتين بارزتين،التمييع و الحصار،مما فتح للركود و الذبول و التراجع، فرصة تتوسع تصاعديا،هيمنت على الطابع الحالي للإعلام المستقل.
و رغم ممناعة كثيرين فى هذا القطاع، ضد فقر المهنة و عجزها المالي البين المتفاقم،إلا أن هذا العجز المادي طرد الكثير من المشتغلين من ساحة هذه المهنة الشيقة.
و قد شهدت مرحلة الرئيس معاوية فتح المجال للإعلام فى باب الدعم،فأصبح تقليدا لدى القطاع العام و الخاص،بل دعا معاوية،إبان إحدى زياراته الداخلية، رجال الأعمال، للاستثمار فى ميدان الإعلام،ثم جاء ولد عبد العزيز لاحقا،و هو الذى انتهت مرحلة حكمه بتشديد القبضة على الإعلام الحر،حيث صدر قرار فى مطلع سنة 2011،بمنع الاشتراكات و التكوين لصالح الصحافة المستقلة،و هو ما حول واقع الصحافة إلى ركود مطبق،مع تعويض ذلك الدعم محل الإلغاء،بملبغ رمزي لصندوق الدعم(200مليون أوقية)،كان عرضة غالبا لسوء التوزيع و ازدحام مئات الملفات الراغبة فى تلك الاستفادة الرمزية الباهتة!.
و فى عهد الرئيس الحالي،شكل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى،لجنة لإصلاح القطاع،و بعد عدة أشهر من العكوف على الملف، ينتظر تقديم حصيلة عملها للرئيس،على أن تكون مقترحات هذه اللجنة، سبيلا للإصلاح الفعلي و تجاوز تحديات كثيرة،و ما زالت خطة الإصلاح هذه غامضة، مما يستدعى التريث و التأنى.
و لعل موقف الدولة تجاه الإعلام الحر،سيحدد قابلية هذا الركود الحالي للتراجع و الاختفاء،و طبعا و مع جهود ذاتية، ينبغى أن يبذلها أصحاب القطاع أنفسهم.
و من الملحوظ أن الإعلام الألكتروني، يعانى من محدودية المنتوج النوعي،رغم وجود مساحات نجاح معتبر،و كذلك الصحف الورقية مع تناقص المطالعة و التصفح .
فهل تنجح السلطة القائمة،فى إزاحة جو الركود، الذى بات يخيم على الإعلام الحر،و رفع مستوى الأداء و الحيوية،عبر رفع المستوى المهني و المالي،لهذه المهنة الأساسية،المقصود لها ربما،أن تظل فى حيز التمييع و العجز المادي،المفضى للتسكع و فقدان المصداقية.
و رغم كل هذا الركود المركب المتنوع،مازال الإعلام الحر يحاصر لصوص المال العام و يضيق الخناق على كل من يحاول استغلال النفوذ.