دعاة لا قضاة / الحسن مولاي علي

جمعة, 21/02/2020 - 07:42

ذاك كتاب فريد في عنوانه وموضوعه، ألفه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، حسن الهضيبي رحمه الله؛ وقد واجه به نابتة التشدد، وبواكير التطرف التي تمثلت في الانعكاسات الخطيرة للمقتلة الرهيبة التي اقترفها عبد الناصر ورفاق السوء معه، في كوكبة من كبار العلماء والدعاة والمؤلفين المنتمين إلى الجماعة؛ كان في مقدمتهم صاحب كتاب "الظلال" سيد قطب، ومؤلف"التشريع الجنائي في الإسلام" عبد القادر عوده، وعشرات آخرون؛

"دعاة لا قضاة" كان الرد الشرعي الهادئ على الذين احترقت قلوبهم غيظا على سلطة الانقلاب، ثم على المجتمه، بسبب تلك الجريمة النكراء، والذين خرجوا بفتاوى وآراء تكفر السلطة الطاغية، وتصنف المجتمع جاهليا، وترغب في الهجرة عنه، وتلزم المفاصلة معه شعوريا، واتخاذ مسافة من مختلف دوائره، وهي دعوة لقيت صدى واسعا في مصر الانقلاب، وتلقفهاط
الشباب المحبط من المظالم.

"دعا٠ة لا قضاة" لحسن الهضيبي، تذكرته، على طول عهد به، وانا اتابع بحسرة، وقلق، موجات التكفير والتفسيق والتخوين المتبادل، التي باتت تمزق نسيج مجتمعنا الهش، وتفرق فيه بين المرء واخيه وصاحبته وبنيه؛ وهي العنوان العريض لحملات الغمز واللمز، والتنابز وسخرية قوم من قوم، واكثر ما يسطره المسطرون على منصات التواصل الاجتماعي المفتوحة على من هب ومن دب، وعلى من علم ومن جهل، وعلى من آمن ومن كفر؛

"دعاة لا قضاة" عنوان يعبر عن حقيقة الدعاة إلى الله في كل زمان وفي كل مكان؛ فمهمتهم في هذه الحياة، ليست التفتيش عما في قلوب الناس، وإصدار الاحكام بكفرهم أو إيمانهم، بل هي الدعوة إلى سبيل الله، بالحكمة والموعظة الحسنة، والترغيب في الخير، والتنفير من الشر، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعيدا عن المراء والجدال، إلا بالتي هي احسن؛ وإن الثمرة المرجوة لكل ذلك هي إدخال الناس في دين الله، وليس إخراجهم منه، تحت اي ذريعة.

"دعاة لا قضاة" متوفر بصيغ واحجام مختلفة على الشبكة العنكبوتية، وقد تفيد قراءته مدمني الصراخ والعويل، الناكئين جراح العداوات الوهمية، والنافخين في كير الاتهامات والأحكام المسبقة الجاهزة، فعسى بقراءته تتضح بعض الرؤى، وتزول بعض الإشكالات، وتفتح الطريق الآمنة نحو تفكيك خطابات الإفراط والتفريط، والغلو والتقصير، صونا للاعراض والاخلاق والاخوة والعلائق، والمواطنة والجوار؛

وتأكيدا ودعما لاخوة الدين وأسبقيتها كأولوية، لا مندوحة عن صيانتها، يحتاج مجتمعنا إلى فهم سليم، ووعي عميق، ودربة أخلاقية واجتماعية، على قبول المواطن الآخر،، وغمره بالإنصاف وحسن الظن، وهو أمر يتطلب اتخاذ قرارات شجاعة، تقمع الوعي المغشوش، وتعترف بحتمية التحول والتغير في قواعد السلوك والنظر، وتحبذ الإقلاع الطوعي عن عادات وتقاليد مجتمع السائبة، توطينا للنظرة الإسلامية الأصلية القائمة على ان الناس ابناء أب وأم، وهم سواسية، كأسننان المشط، اكرمهم أتقاهم.

واخيرا، أعرض على المتابعين دعوة لإكماا وتوقيع بنود تحالف وطني يحمي الثوابت والمقدسات، ويصون الكرامة والحريات، ويضع ضوابط لتناول المفرقات:
١- كل مقر باركان الإيمان، ممارس لاركان الإسلام، هو أخ مسلم، مهما كان حجم الخلاف معه؛
٢- الانتصار للحرية، ومراعاة المسؤولية الشخصية، واحترام الكرامة الإنسانية؛
٣- لا حرية في المساس بالمقدسات، والثوابت، او التشكيك في المعلوم من الدين ضرورة؛
٤- لا يكفر من علم مسلما، ما لم لم يقر على نفسه بالكفر، طائعا، او يصدر بحقه حكم بالكفر؛
٥- الإسلام هو الصفة الجامعة{هو سماكم المسلمين} فلا عبرة بأي اصطفاف طائفي أو مذهبي؛
٦- الإعراض عن الفتوى في العقائد، وعدم المسارعة إليها في الأعمال ما لم تتعين؛
٧- لا حق لغير القضاء في الاتهام والتكييف والتجريم، والتبرئة والعقوبة وتنفيذها؛
٨- لا مجاهرة بغير الإسلام، ولا ترويج للعلمانية (اللائكية) في مجتمع احادي الدين؛