الطبيب البيطري ممادو دمب سك: موريتانيا مدينة في وجودها للثروة الحيوانية

اثنين, 20/05/2019 - 21:39

ممادو دمبا سك طبيب بيطري متخصص ومكون خريج من الجزائر، وهو المسؤول عن قطاع الصحة والتكاثر الحيواني في المدرسة الوطنية للإرشاد الزراعي بكيهيدي. أجرت معه “تقدمي” حوارا حول قطاع الثروة الحيوانية في هذه الولاية الزراعية والرعوية، وأهم التحديات التي يواجهها القطاع في موريتانيا بشكل عام.

 

من وجهة نظرك ما هي أهم المشاكل المطروحة للطب البيطري والوضعية الصحية للحيوانات في كوركول؟

شكرا على السؤال ليست هناك مشكلة خاصة بكوركول فالمشكلة تخص موريتانيا بشكل عامن وهي عوائق تتعلق بالرؤية والقرار والتفكير، فكم من موريتاني سافر إلى خارج البلاد، من وزير وبرلماني ودكتور، ثم رأى كيف يتعامل الناس مع الحيوانات بشكل جيد في الدول المتقدمة، فما هي القرارات التي يتخذ هؤلاء حين يعودون إلى البلد؛ هذا أولا، ثانيا هناك أشخاص متخصصون في المجال وتم تكوينهم وحصلوا على شهادات في مجال البيطرة، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي الوسائل المتاحة لهؤلاء للقيام بعملهم وخلق استراتيجية متكاملة في المجال، فيجب أن تعطى الوسائل المالية والمعنوية وعلى رأسها وسائل التحسيس وفتح وسائل الإعلام من أجل التوعية في هذا المجال، أنا مثلا هناك كثيرون لا يعلمون إن لي علاقة بمراقبة جودة السمك أو مراقبة المعايير الصحية في المذبح أو المسلخ، إذن لا بد من تمكين البيطريين من الوسائل اللازمة للقيام بعملهم، فعملهم يبدأ من تربية الأرانب إلى تربية الجمال.

انطلاقا مما قدمت سالفا؛ هل يمكن أن نقول إن الأمر يتعلق بغياب إرادة سياسية حقيقية؟  

أعتقد أن الإرادة السياسية موجودة ومجسدة في القوانين والإجراءت المنظمة للقطاع، ولكن ما ينقصنا هو اتخاذ القرارات بمعنى آخر تجسيد هذه القوانين في ممارسة على الميدان وأرض الواقع، يبقى أن تكون هناك قرارات عملية ومحددة بإنشاء منشآت من أجل ترقية هذا المجال والإبداع فيه، وأعتقد أن هناك إمكانيات لذلك إذا صدقت النوايا، وأكرر إذا صدقت النوايا.

فيما يبدو هناك ارتباط واضح بين الحالة الصحية للحيوانات والحالة الصحية للبشر، هل الأمر كذلك؟

إنها النقطة الأهم في هذا الإطار، فلا بد من الاهتمام بالصحة الحيوانية لما لها على من انعكاسات على صحة البشر، فهناك عدة أمراض مشتركة متنقلة بين الحيوان والإنسان، فيمكنها أن تنتقل إلى الإنسان عن طريق الحيوان والعكس صحيح، وفي كل الحالات فإنه من مصلحتنا الاهتمام بصحة البشر والحيوان معا، وطريقة تنقل هذه الأمراض قد تتم إما بالملامسة المباشرة، أو عن طريق الهواء أو حتى من خلال أكل لحوم هذه الحيوانات أو عن طريق الدم، فطرق الإصابة بهذه الأمراض متعددة، لذا يجب أن نعتمد استراتيجية للوقاية من هذه الأمراض خاصة وأن نسبة 90% من الأمراض التي تصيب الحيوانات لا علاج لها، وخاصة الأمراض المعدية.

هنا في ولاية كوركول ما هي الأمراض الأكثر انتسارا والتي تعاني منها الثروة الحيوانية هنا؟

 

هناك عدة أمراض منتشرة هنا بعضها يصلنا من الدول المجاورة، وقد تختفي من وقت لآخر إذا قيم بحملة تلقيح وعلاج لها في الوقت المناسب وقد تكلف خسائر كبيرة إذا لم يتم القيام بذلك، هذه الأمراض متنوعة في أسبابها؛ فمنها الفيروسي والميكروبي والطفيلية، وكذلك الأمراض ذات العلاقة بالتغذية والقليل من الأمراض الوراثية، ولمن هذه نادرة فيمكن من وقت لآخر أن نعثر على حيوان مريض لسبب وراثي جيني، ولكن هذه حالات نادرة وتحتاج متابعة طويلة لاكتشافها. يجب أن أوضح أن هناك نوعان من الأمراض؛ فهناك أمراض خاصة بنوع حيواني معين؛ وهناك أمراض خاصة بكل أنواع الحيوانات بما في ذلك الإنسان.

أعود وأقول بوصفي مكونا إننا يجب أن نركز على التكوين وأن التلاميذ والطلاب الموجهين إلى التكوين المهني؛ يجب أن تنتهج معهم سياسة الانتخاب، بمعنى اختيار الذين يتمتعون بأهلية أكثر، فحين يصل إلى مدارس التكوين شباب غير قادرين على الكتابة، وليست لديهم الأهلية الكافية لتلقي المعارف؛ فإن عمل المكونين هناك يكون مضاعفا، بمعنى أنه يصبح المكون مطالبا أن يزودهم بالمعلومات القاعدية اللازمة للوصول إلى المهارات، وقد سجلنا هذه المعضلة مرارا.

 

سؤالنا الأخير،  ما هي الانعكاسات الاقتصادية التي يمكن أن نجنيها من تطوير الطب البيطري؟

أنا أدعو إلى تنويع الإنتاج، فأنت حين تفتح مصنعا للألبان فإنك تستغل اللبن كثروة ولكنك أيضا تخلق فرص عمل لأشخاص جدد. إن الطب البيطري له بعدان: الأول هو البعد الصحي والبعد الآخر هو البعد الاقتصادي، فأنت قبل أن تباشر مشروعا بيطريا فإنه عليك أن تقوم بدراسة لمعرفة جدوائيته من الناحية الصحية ومن الناحية الاقتصادية أيضا، وحتى لا أطيل عليك فإنني سأقول لك باختصار إن موريتانيا بوجودها للثروة الحيوانية. إن من ينظر على الوضع الذي وصل إليه البلد بسبب إهمال قطاع الثروة الحيوانية يدرك بجلاء أهميتها في الاقتصاد الوطني، لأن هذا القطاع يمكنه أن يخلق فرص عمل ويساهم في التنمية ويحسن الوضع الصحي العام، وأنا حتى الآن لا أدري هل المشكلة هي أننا لا نضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ومع أني على المستوى التنظيمي والقانوني أجد أننا قطعنا أشواطا ولكن عمليا نحن نتراجع رغم ما بذلته الوزارة من أجل النهوض بهذا القطاع، ولكني أرى أن هناك نواقص وجوانب مهمة تم إهمالها في هذه الاستراتيجية وهي أبعاد لا يمكن أن ينهض القطاع دونها ولهذا أراها استرتيجية ناقصة، فإذا كنا جادين في النهوض بهذا القطاع فإننا يجب أن نقوم بجرد للمشاكل والتشاور مع المختصين ثم نبني استراتيجية انطلاقا من الواقع، هذا إذا كنا جادين أكرر..

شكراً

أجرى الحوار/ الشيخ نوح