ازقيلينه المعاقة التي كسرت الحواجز محركة كرسيها في شوارع لعيون/ بورترى

سبت, 29/02/2020 - 12:04

من خلال نظرة بعيدة وملامح وجه تعبر عن الإصرار وتحدي الإعاقة و البحث عن عيش كريم بعد وفاة الأبوين وبقاء البنت حبيسة الفراش.
 
 
قررت ازغيلينه بنت محمود اليتيمة والمعاقة أن تكسر الحواجز  وتؤكد أن لا فرق بينها والأشخاص غير المعاقين، بعد تربيتها في أحضان أسرة فقيرة بحي العدالة وسط مدينة لعيون بداية ثمانينات  القرن الماضي.
 
 
أصيبت بمرض في الساقين ـ تقول ازغيلين ـ وهي في ريعان عمرها جعلها تبقى طريحة الفراش بعد عجز الوالد الذي كان يحتطب لتوفير القوت اليومي لعائلتها عن التنقل بها للعلاج.
 
 
تقول ازغيلينه إنه بعد وفاة الوالدين  , وما أدى ذلك من وقع في نفسها لبقاء الأسرة بدون معيل،  قررت بقوة الإرادة والتوكل على  الله وبعزيمة الإصرار أن تتجاوز الإعاقة والبحث عن كرسي متحرك يساعدها على مغادرة  المنزل ,طلبا للقمة العيش وتأمين حياة الأسرة التي تتكون من أطفال صغار.

 
 حيث بدأت رغم المخاطر تتحرك  بكرسي في شوارع مدينة لعيون تزاحمها السيارات والمارة بعد حصولها عليه من طرف المنسقية الجهوية لوزارة شؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة بالحوض الغربي منذ ما يزيد على ثلاث سنوات.

 منذ تلك الفترة ـ تقول ازغيلينه ـ  أقوم برحلة تنقل لا تخلو من الخطورة كل صباح من المنزل المتواضع- الذي هو عبارة عن عريش سالكة الطريق الرئيسي- في حدود الساعة الثامنة باتجاه سوق المدينة بمساعدة ابن أخي محمد بعد انتهائه من دراسة القرآن في المحظرة حيث يقوم بعملية دفع الكرسي الذي أجلس عليه لقطع مسافة حوالي  2كلم.

 
وفي هذه الرحلات اليومية بين العريش والسوق كونت خلالها شبكة من الأصدقاء من أصحاب الأيادي البيضاء تعايشت معهم وأصبحوا يمدونني  يد المساعدة من خلال عطاياهم اليومية.

 

 وعندما تكون الساعة الحادية عشر صباحا ـ  تقول ازغيلينه ـ أعود إلى المنزل في حي العدالة، لتبدأ رحلة أخرى بإعداد ما حصلت عليه من غذاء "وجبة الغداء والعشاء بمساعدة أختي فاطم "، وهذا ما دأبت عليه خلال 3 سنوات .

 

 ومن أبرز المسائل التي تأسف عليها ازغيلينه كونها لم تتمكن في صغرها من الجلوس على مقاعد الدراسة والتعلم، وهي مسألة تتمنى أن تتحقق من خلال تأهيل المعوقين وإتاحة الفرصة لهم من جديد ليتمكن البعض منهم من معرفة الكتابة والقراءة.

 فاطم بنت لخويطر جارة منذ عشرة سنوات للمقعدة ازغيلينه تقول في شهادتها " إنها تتمتع بالعقل و تحب الخير للناس ورغم ذلك لم تكن تظن أنها تستطيع أن تتغلب على الإعاقة رغم أن الجميع يعرف إرادتها القوية وطموحها الكبير، حيث أصبحت الآن هي المعيلة الوحيدة لأسرتها التي تتكون من أخواتها الثلاثة" .

 

وتضيف فاطم   " إن ازغيلينه تعتبرها خليلتها وتحتاج العون والمساعدة من الخيرين ،كما أنها تعرف الكثير من المعاقين يعيشون العزلة ويحسون أن هناك فرق بينهم وغير المعاق وهذا ما ترفضه ازغيلينه الآن التي تقول بأنها منذ وجدت الكرسي المتحرك أصبحت تتحدى واقع الإعاقة إذ لا فرق بينها والإنسان العادي حسب قولها" .

 وبما أن المنطقة لا توجد بها منظمات تهتم بالمعوقين توجهنا إلى المنسقة الجهوية لوزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة في ولاية الحوض الغربي حيث قالت بأنها سبق لها أن قامت بإحصاء لجميع المعوقين في الولاية وبلغ عددهم حوالي 1000 ما بين معاق في الأطراف السفلية والعلوية.

 

 وأضافت بأن الحكومة ـ من خلال المنسقية الجهوية ـ قدمت خلال السنوات الماضية العديد من المساعدات للمعوقين تمثلت في مبالغ مالية ومقاعد متحركة وعصي للتوكئ عليها وقد استفادت ازغيلينه بنت محمود من هذه المساعدات لكنهم يتوقعون اهتماما كبيرا من طرف الحكومة الموريتانية الحالية بهذه الشريحة من المجتمع.

 

 وبالعودة إلى ازغيلينه تقول بأنها لم يسبق لها أن التقت بالمنظمات المحلية أو الدولية التي تهتم بالمعوقين حسب قولها ،وما حصلت عليه من مساعدات كانت عن طريق المنسقة الجهوية لوزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة،  و تتمنى أن تجد فاعل خير يساعدها في بناء مسكن لائق بها، ويقدم لها قروضا أوهبه لتستغني من خلالها عن الذهاب بكرسيها المتحرك على قارعة الطريق بشوارع مدينة لعيون وما قد يسببه ذلك من خطر على حياتها خاصة أثناء أوقات زحمة مرور السيارات في الشوارع ، إضافة إلى كونها أصبحت متقدمة في العمر.

 

وبين واقع ازغيلينه و اكراهات حياتها تتجلى معاناة المعوقين وتضع العديد من التساؤلات عن دور منظمات المجتمع المدني والبرامج الحكومية في النهوض بهذه الشريحة من المجتمع ودمجها في الحيات اليومية من خلال إتاحة لها جميع الفرص من تعليم وصحة وغير ذلك ، حتى تمكن من الولوج إلى المناصب العليا في الدولة .

 

بورترى من اعداد: شيخنا ولد القاسم

القسم: